المحقق البنانى حاصل القول فى المقام ان نسخ الكتاب بالسنة والسنة بالكتاب الجمهور على جوازه ووقوعه وذهب قوم الى امتناعهما ونقل عن الشافعى وقد انكر عليه ذلك جماعة من العلماء واستعظموه ونص الشافعى فى رسالته لاينسخ كتاب الله الا كتابه ثم قال وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لاينسخها الاسنته ولو احدث الله فى امر غير ما سن فيه رسوله لسن رسوله ما احدث الله حتى يبين للناس ان له سنة ناسخة لسنة اه. وقد فهمه المصنف على معنى انه اذا نسخ الكتاب بالسنة فلابد ان يرد من الكتاب بعد ذلك ما يوافق تلك السنة الناسخة فى الحكم فيكون عاضدا لها واذا نسخت السنة بالكتاب فلا بد ان يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ذلك الكتاب الناسخ فى الحكم فتكون عاضدة له اه. والناظم درج على مادرج عليه اصله حيث قال:
والشافعِي حيثُ القُرآنُ ورَدَا ... لنسخِهَا فمعْ حديثٍ عضَدَا
وورَدَتْ لنسخِهِ معْهَا خذِ ... قراءةً تبينُ وَفْقَ ذَا وذِي
قال فى شرحه قال الشيخ جلال الدين أي المحلى والقسم الثانى موجود كما فى نسخ استقبال بيت المقدس بفعله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى
{فول وجهك شطر المسجد الحرام} وقد فعله صلى الله عليه وسلم والقسم الاول يحتاج الى بيان وجوده اه. وسكت المصنف رحمه الله تعالى عن نسخ السنة بالسنة للعلم به من نسخ القران بالقران واما الناظم فانه تكلم عليه فيما مر انفا فى قوله:
وبكتابنَا لهُ والسُّنَنِ. وعكسه. فيجوز نسخ المتواترة بمثلها والاحاد بمثلها وبالمتواترة وكذا المتواترة بالاحاد على الصحيح كما مر فى نسخ القران بالاحاد فمثال نسخ السنة بالسنة نسخ حَدِيثُ مُسْلِمٍ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ الرَّجُلُ يَعْجَلُ عَنْ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَقَالَ إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ} بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ} زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ {وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ} لِتَأَخُّرِ هَذَا عَنْ الْأَوَّلِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ بَعْدَهَا} افاده الجلال المحلى. (وبالقياس وثالثها ان كان جليا ورابعها ان كان فى زمانه عليه الصلاة والسلام والعلة منصوصة ونسخ القياس فى زمانه عليه السلام وشرط ناسخه ان كان قياسا ان يكون اجلى وفاقا للام وخلافا للامدي) أي ويجوز على الصحيح النسخ للنص بالقياس مطلقا لاستناده الى النص فكانه الناسخ وقيل لا يجوز حذر من تقديم القياس على النص الذي هو اصل له فى الجملة قال شارح السعود نسخ النص بالقياس لا يجوز شرعا عند الاكثر واختاره القاضى والباجى وهو مذهب الشافعى حذرا من تقديمه على النص الذي هو اصل له فى الجملة اه. فلذا قال فى نظمه:
ومنع نسخ النص بالقياس ... هو الذي ارتضاه جل الناس
وثالث الاقوال يجوز النسخ به ان كان جليا وهو ماقطع فيه بنفى الفارق والخفى بخلافه كما سياتى بخلاف الخفى فانه لايجوز النسخ به لضعفه ورابعها يجوز ان كان فى زمنه عليه الصلاة والسلام والعلة منصوصة فلذا قال الناظم متعرضا لاختلاف الاقوال:
وبالقياسِ الثالثُ الجَلِيِّ ... والرابعُ المدرِكُ للنَّبِيّ
ان نصت العلة. مثاله لو ورد نص مثلا بجواز الربا فى القول ثم ورد بعد ذلك نص بحرمة الربا فى الحمص لانه يستعمل مطبوخا فيقاس عليه القول لوجود العلة فيه ويكون الحكم الثابت له