قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، وهذا لأن الإحرام عقد يوجب تحريم أفعال عليه وتلك الأفعال محظورات هذا العقد فيصير بارتكاب المحظور جانباً على إحرامه فيلزمه الجزاء ليكون في مقابلة جنايته، وهذا لأن ارتكاب الجناية مخيل في إيجاب الجزاء الزاجر عنها.

ويدل عليه أن الصوم يدخل في جزاء قتل الصيد ولو كان الواجب على طريق بدل المتلف وجب أن لا يكون للصوم مدخل فيه، لأن البدل واجب بشرط المماثلة ولا مماثلة بين الصيد والصوم فثبت بما قلناه أن الواجب بإزاء الجناية ثم الدليل على كمال الجناية كمال الإحرام وإذا كمل الإحرام فلابد من الحكم بكمال الجناية، لأن كمال الإحرام يوجب كمال الحظرية وكمال الحظرية يوجب كمال الجناية وكمال الجناية يوجب كمال الجزاء، وهذا كالجماعة إذا قتلوا واحداً فإنه يجب على كل واحد منهم كفارة كاملة كذلك ههنا، وكان المعنى ما بينا.

قالوا: وأما التعديل بالمحل فإنما كان كذلك، لأن هذه الجناية لها محل فيكون قدرها بقدر المحل فعند زيادة المحل تزداد الجناية وعند نقصان المحل تنتقص الجناية.

وأما استواء الكفارة في قتل الآدمي فإنما كان لأنها مقدرة شرعاً فلا تزداد ولا تنتقص، وأما ههنا فالواجب هو القيمة وإن كان جزاء الجناية فجاز أن تنتقص وتزداد أخرى.

وقد سلك أبو زيد طريقة الشبهين وقال: إن الواجب يشبه جزاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015