يعتبر لصحته وجود وقت الصلاة، ثم الدليل على أنه شرط وليس بركن أنه معنى يستوعبه كل أفعال العبادة مثل الطهارة في الصلاة وهذا هو حد الشرط وهو ما يراعي قيامه لفعل العبادة كلها إلى أن تنتهي إلى آخرها كالطهارة وستر العورة والمكان والوقت في باب الحج والجمعة. وأما حد الركن ما تؤدي به العبادة ويكون انقضاؤه بشروع في ركن مثله كالقيام يكون انقضاؤه شروعه في الركوع، والركوع ينقضي بالسجود، وهذا لأن العبادة التي تشتمل على أفعال مختلفة تكون أفعالها على التوالي والترادف يفرغ من فعل ويشرع في فعل بدليل أفعال الصلاة وكذلك سائر أفعال الحج، فلو كان الإحرام فعلاً من أفعال الحج لكان سبيله هذا ولم تعتبر استدامته ليؤدي كل الأفعال ثم يتحلل منه.
قالوا: ولأن أفعال الحج تنفصل عن الإحرام بدليل أنه يحرم في أول هذه الأشهر ثم إنه يأتي بالأفعال في الأيام المخصوصة ولو كان الإحرام فعلاً من أفعال الحج لم يجز أن ينفصل عنها كسائر أفعاله وكان من حقها أن توجد على الترادف والتولي مثل أفعال الصلاة، ولأن الحج زيارة أمكنة معلومة وحضور مشاهد مخصوصة تعظيماً لها وقضاءً لحقها لامتثال أمر الواضع لتلك الحرمات والمثبت لتلك الحقوق، والتلبية ليس من هذا في شيء وإنما هي ذكر باللسان وليس عبادة الحج عبادة الأذكار إنما هي عبادة الأفعال على ذلك المنهج المخصوص.
قالوا: ولهذا يختص كل فعل من أفعال الحج بمكان مخصوص، وكذلك بزمان مخصوص، بخلاف الإحرام فإنه لا يختص بزمان على التعيين ولا بمكان. فثبت بهذه الدلائل أنه شرط وليس بركن فأشبه الطهارة على ما ذكرنا.