وغير الماء من المائعات لم يخلق ليكون طهوراً.
ولهذا يكره استعمال ماء الورد والخل في إزالة النجاسة، ويعد سفهاً وتضيعاً للمال، ولأن الماء يسهل وجود ويعم إصابته وللناس بلوى في طهارة الأحداث والأنجاس فشرع إزالة ما يعم به البلوى بما يسهل وجوده تسهيلاً للأمر على الناس وتيسيراً، ومعنى سهولة الوجود وعموم الإصابة لا يوجد في سائر المائعات، وإذا كان غير الماء يخالف الماء في هذين المعنيين المؤثرين لم يجز إلحاقه به.
وأما حجتهم:
قالوا: أجمعنا على أن الماء طهور والطهور هو الطاهر بنفسه المطهر لغيره، والتعليل واجب ما أمكن، لأن القياس دليل الله وأمر الله يتصل بإظهار دليل الله ليبني عليه حكم الله، ثم الدليل على أن التعليل في مسألتنا واجب ممكن أن إمكان التعليل بإظهار علة مؤثرة وهو موجود في مسألتنا، وذلك بالتعليل بالإزالة، والدليل على أن الطهورية معللة بالإزالة أن ما لم يوجد الإزالة لا يطهر بطهارة المحل، ولم لم يكن العلة هي الإزالة كان ينبغي أن يكفي مجرد استعمال الطهور.
يدل عليه أن استعمال الطهور غسلاً في هذا المحل مفيد طهارة المحل فلا يخلو إما أن يكون إفادته طهارة المحل بتبديله النجس طاهراً أو بإزالته النجاسة، ولا يجوز الأول، لأن استعمال الماء لا يتبدل النجس طاهراً فدل أن طاهرت المحل بإزالته النجاسة عن المحل.