على الإطلاق بل هو ترك في وقت ليؤديه في وقت مثله مع استواء الوقتين فيما يرجع إلى فعل المأمور.
وقولهم: ((إنه وجب في الوقت الأول)).
قلنا: بلى، ولكن على التوسع لا على التضييق، ومعنى التوسع أن جميع زمان العمر مجعول كالوقت الواحد في قبول فعل المأمور، والتخير ثابت للمخاطب بالفعل ليؤديه في أي أوقات هذا الزمان الممتد متى شاء بشرط أن لا يخلي العمر من فعله.
وقد بينا أن هذا جائز مشروعاً ومعقولاً، فإذا عرف هذا تبين الفرق بين هذا وبين النفل، لأن في النفل يجوز إخلاء العمر عنه.
واعلم أنا لا نزعم أن العزم يدل على الفعل الواجب ولا يحتاج إليه وإن كان قد قاله جماعة من الأصوليين، لأنه إذا عرف الوجوب على الوجه الذي بينا كان ترك فعله في أول أوقات الإمكان مطلقاً ولم يحتج إلى إقامة بدل مقامة، وهذا لأن الآفة للمخالف جاءت من الجهل بمعرفة تنوع الواجب، فإذا عرف تنوع الواجب وإنما يكون مضيقاً مرة وموسعاً أخرى ففارق النفل في إلزام الفعل على الجملة وفارق المضيق في جواز التأخير ليؤديه في وقت آخر مثل الوقت الأول، فصار جواز التأخير عن أول سني الإمكان، لأنه واجب موسع، لا لأنه ليس بواجب موسع.
وأما قولهم: ((إن التأخير لا يخلو من كذا)).
قلنا: يجوز التأخير عندنا إلى أن يغلب على ظنه أنه لو أخر عن هذه السنة يعجز عن فعله في السنين التي تليها.