قلنا: وبأن كان يوجد الماء مباحاً في الأصل بخلاف الزاد والراحلة لم ينبغي أن يفترقا في مسألتنا، والماء مملوك للغير إباحة له، وكذا الزاد والراحلة إلا أن التعلق بفصل الماء في الوضوء يقتضي أن لا يفترق الحكم بين أن يكون الباذل أجنبياً أو غيره.

وقد بينا أن الأصح التفريق/ وحرف الجواب ما قدمنا، ونقول: إن الإمكان أمر حسي لا يتصور أن يختلف بماله ومال غيره، والموجود بمال غيره هو الموجود بماله ولا يتصور أيضاً أن يجعل أحدهما أصلاً والآخر فرعاً.

وأما تعلق مشايخهم بالمعضوب الموسر، فقولهم: ((إن تعلق الحج بالبدن فوق تعلقه بالمال)).

فليس بشيء، لأنا إن سلمنا لهم ذلك لكن القدرة على الحج بدناً قد وجد، لأن بدن غيره يقوم مقام بدنه على ما عرف، لأن الحج يجب بمجرد القدرة بدليل أن الفقير إذا حصل بعرفات فوجب أن يجب بمجرد المال، والاعتماد على ما سبق.

وأما فصل الميت الذي ذكروه، فليس بشيء، لأنه ليس من أهل التكليف ابتداء بخلاف المعضوب فإنه من أهل التكليف ابتداء، وإنما بقى الحج على الميت بقاء الديون فكما تبقى سائر الديون عليه بقى الحج عليه أيضاً. والله أعلم بالصواب.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015