فليست هذه الكلمات بشيء، ومفارقة الصوم الحج في هذه الأشياء لا يدل على مفارقته في استغنائه عن تعيين النية واحتياج الصوم إلى تعيين النية.

لأن الفرض والنفل إن استويا في الأحكام إلا أنهما غيران، لأن أحدهما فرض، والآخر نفل ولا يجوز أن يتأديا جميعاً بنية واحدة، فإذا استويا ولم يتأديا جميعاً فلابد أن يعين أحدهما ليصير مؤدى فوجب أن يقدم الذي عينه بالنية.

وأما المضي في فاسد الحج، فهو نوع تغليظ ورد في المنع من الخروج منه إلا بالطريق المشروع للخروج منه إلا أنه لا يصير داخلاً فيه إلا بفعله فينبغي أن يصير داخلاً فيما يفعله ويقصده بفعله وهو ما ينويه ويعينه بنيته وقد نوى التطوع.

وعندكم صار داخلاً في الوقت بنوع دليل، فكذلك في الصوم عندنا.

قالوا: وأما عندنا إذا نوى التطوع في الحج لا يصير داخلاً في الفرض لأن الوقت لم يتعين له على الخصوص بخلاف وقت الصوم عندنا، وأما إذا أطلق النية فلم يعين بنيته الفرض ولا النفل، وإنما يحتاج إلى صرفه إلى أحدهما، وقد مال دليل الحال على صرفه إلى الفرض، لأن الحج يحتاج فيه إلى كلفة شديدة ومشقة عظيمة، والإنسان لا يتحمل مثل هذه الكلفة والمشقة للنفل وعليه الفرض، بل يقصد الفرض، ثم إذا اتفق له بعد ذلك التطوع يفعله فلأجل دليل الحال صرفنا نيته إلى الفرض، ودليل الحال دليل مرجوع إليه في كثير من الشرائع، فأما إذا عين نية النفل فقد/ سقط دليل الحال، لأنه قابله صريح نية التطوع ولا نفاد لدليل الحال مع التصريح بغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015