كذلك العشر بدليل أنه يقال: أرض عشرية وأرض خراجية، والإضافة المطلقة في الشرع دليل السببية.
دليله: سائر المواضع فلما أضيف كل واحد من العشر والخراج إلى الأرض دل أنها سبب وجوبهما، ولأن الأرض مال نامي فلا يخلو عن واجب.
دليله: سائر الأموال النامية.
وأما الزرع ليست بمال النماء، لأن العروض والحبوب إنما يصير مال النماء بالتجارة، والحبوب في هذه المواضع ليست بمال التجارة.
يبينه: أن النامي ما يراد بقاءه في ملكه، وطلب النماء منه، والأرض بهذا الوصف، فأما الزرع فلا يراد للبقاء، فإنه مطلوب في العادة من الأراضي للقوت، والتقوت جهة مثوبة لا جهة مبقية، فثبت أن العشر وظيفة الأرض مثل الخراج إلا أن الخراج دراهم في الذمة فإذا ملك الأرض وتمكن من زراعتها وجب.
وأما العشر مقدر من الخراج فما لم يوجد الخارج لا يمكن إيجابه، ولهذا افترقا في هذه الصورة وهذا الافتراق لا يدل على اختلاف السبب، ألا ترى أن الأجر للأجير الواجد، والأجير المشترك في مقابلة العمل، وإن كان أحدهما لا يجب إلا بالعمل والأجر يجب بتسليم النفس وإن لم يوجد العمل، وأما اختلاف مصرفهما جاء من حيث أن أحدهما مشتمل على معنى العبادة وهو العشر، والأجر محض مؤنة فصرف العشر إلى أهل السهمان والخراج إلى المقاتلة، وهذا الاختلاف لا يمنع اتجاه السبب.