والدليل على أنهما خلقا للتجارة أنههما خلقا للتقلب والتصرف والتوصل بهما إلى الفوائد المالية، وهذا هو التجارة.

قالوا: وأما قولكم: ((إنه فاتت جهة النماء باتخاذ الحلي)).

فليس كذلك، لأنهما لما خلقا للتجارة فلم يفت ذلك بفعل من العباد.

وتحقيقه: أن الذهب والفضة صارا للتجارة بعينهما وعينهما باقي.

وربما يقولون: صارا للتجارة لقبولهما جهة التقلب والتصرف، وهذا المعنى قائم/ بعد اتخاذ الحلي للتجارة، وهذا لأن التزين والتحلي بالذهب والفضة ليس بمضاد لجهة التجارة بالوجه الذي قدمنا.

قالوا: وخرج على هذا عروض التجارة، لأنها صارت للتجارة بمعنى عارض وقد ترك العارض فخرجت عن جهة التجارة، أما ههنا إنما صار هذا المال مال التجارة لا مال بعارض بعينه وباتخاذ الحلي ما فاتت العين فبقى مالاً للتجارة.

يبينه: أن نهاية ما في الباب أن الحلي يعد للإمساك فإذا لم يكن صار الذهب والفضة للتجارة بالإعداد للتقلب والتصرف، والإعداد للتقلب والتصرف لا يفوت بالإمساك.

ألا ترى أنه لو لم يعده للتقلب والتصرف بل أعده للنفقة أو دفنه في موضع ليكون ذخيرة له وجبت الزكاة، بل صار للتجارة بمجرد وجود العين، فكذلك ههنا بالإعداد والإمساك للتحلي والتزين لا يخرج عن كونه مال التجارة وهذا فصل معتمد.

قالوا: ولأن التحلي والتزين جهة دون جهة التقلب والتصرف لأن التقلب والتصرف بهما قيام المعاملات وبالمعاملات بقاء العالم.

وأما التخلي والتزين فلا يتعلق به القوام إنما هو من فضول الحاجات،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015