الدلائل، لأنه ليس في وسعه إصابة الجهة حقيقة، وبقى الأمر بالصلاة إلى جهة هي جهة الكعبة وقد فعل وأدى الصلاة إلى ما كلف وفعلها على الشرط الذي أمر فلا يجب عليه إعادتها بحال.

وربما يعبرون عن هذه فيقولون: إن الغائب عن الكعبة لا يعرفها إلا بالدليل وقد خفيت الدلائل ولم يبق إلا فراسة القلب وشهادته فإذا صلى على ذلك وتوجه إلى جهة شهد قلبه أن الكعبة في تلك الجهة فقد أتى ما أمر.

واستدلوا من حيث الحكم في أنه غير مأمور بالصلاة إلى الكعبة حقيقة أنه لو تحرى ومال رأيه إلى جهة ثم ترك الجهة وصلى إلى جهة أخرى وتبين أنه أصاب الكعبة لا تجوز صلاته لأنه خالف القبلة، ولو كانت قبلته الكعبة لجازت صلاته، كما نقول لو تحرى في الثوب، أو الماء في موضع الجواز عندنا وترك تحريه وصلى في الثوب الآخر أو توضأ بالماء الآخر ثم تبين أنه قد أصاب من الثوب الطاهر أو الطاهر من الماء فإنه تجوز صلاته. ثم قالوا: مسألة الثوب والماء، الدليل الموصل إلى نجاسة الثوب والماء قائم في حال الاستعمال، لأنه إما أن يعلم بخبر مخبر أو أثر يراه أو كان في وسعه تحصيل ذلك العلم بالطريق الذي ثبت له العلم بعد ذلك ومتى حصله يبقى معه، فإنه متى علم بنجاسة الثوب ونجاسة الماء يبقى معه ذلك العلم فلما لم يحصل ذلك كان لتقصير وتفريط من جهته فلم يكن معذوراً إلا أنه لا يأثم لأنه لا يلحقه الحرج في تحصيله وإن كان في وسعه، فمن حيث إنه يلحقه الحرج في تحصيله لا يأثم وتحريه الصلاة إذا بقى الاشتباه، ومن حيث إنه يمكنه تحصيله لم يسقط الخطاب باستعمال ماء طاهر والصلاة في ثوب طاهر.

وأما في مسألتنا فأكثر ما في الباب أن يتعلم علم النجوم ويعرف الدلائل إلا أن هذه الدلائل لا تبقى معه حال الاشتباه، فلم يبق دليل سوى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015