وأما حجتهم:

قالوا: مخير في أول الوقت بين فعل الصلاة وتركها فلا تكون واجبة فيه. دليله النافلة، وهذا لأن حد الواجب ما لا يسع تركه فإذا وسع الترك ل على أنه ليس بواجب.

وربما يقولون: لو وجب في أول الوقت لم يجب في آخره، لأن الواجب مرة لا يجب ثانياً فلما وجب في آخر الوقت علمنا أنه لم يكن واجباً في أوله.

قالوا: ولأنه وجب في أول الوقت وجب أن يأثم إذا/ مات قبل فعله وحين لم يأثم إذا مات في أول الوقت قبل فعله، لما أنه لم يكن واجباً، وأيضاً لو وجب لاستقر بإدراك وقت فعله ولو استقر لم يتغير بالسفر، وحين أجمعنا على أنه لو سافر في آخر الوقت يجوز له القصر علمنا أنه لم يجب أصلاً.

الجواب:

أما قولهم: ((إنه مخير بين فعل الصلاة وتركها))، لا نسلم إطلاق الترك على ما زعموا، بل إنما نطلق له الترك بشريطة وهو العز على فعلها في آخر الوقت وما لم يكن على هذا العزم لا يجوز له تركها في أول الوقت.

فإن قالوا: أتقولون إن العزم بدل عن الواجب من الفعل؟

فإن قلتم: ليس ببدل فقد أطلقتهم الترك، لأنه إذا ترك لا إلى بدل تحقق الترك، وإن قلتم: هو بدل فأقمتموه مقام الأصل في سقوط الأمر عنه وتأدى المصلحة به. يدل عليه أن العزم على الفعل واجب قبل دخول الوقت فكيف يتصور أن يكون بدلاً؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015