وأما وجه التأثير فهو في غاية الظهور، لأن المحرم نفس الحيض، وهو آيل إلى الارتفاع والزوال فإذا زال المحرم وجب أن يزول التحريم، لأن زوال العلة يوجب زوال المعلول، كما لو اغتسل مع الانقطاع فإنه ليس لزوال التحريم هاهنا سبب سوى زوال الحيض. وربما عبروا عن هذا، وقالوا: إن التحريم بالأذى، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} وقد زال الأذى بالانقطاع وإنما بقى مجرد الحدث وهو غير مانع من الوطء بدليل حدث الجنابة وخرج على هذا استباحة الصلاة ومس المصحف وغيره، لأن الحدث مانع منه بدليل حدث الجنابة.
أما الوطء فنفس الحيض مانع منه لأن الجنابة ونفس الحيض قد زالا.
قالوا: وأما قولكم: ((انقطع الدم لأقل من أكثر الحيض)) فلم يزل الحيض بيقين لجواز أن يعود الدم فضعف الطهر عن الحيض فوقعت حقيقة الوطء على ثبوت حكم من أحكام/ الطاهرات لها وذلك إما بوجود اغتسال صحيح منها أو وجوب صلاة في ذمتها حتى يقوى الطهر عن الحيض بانضمام هذا المعنى الحكمي إليه.
وأما في مسألتنا فقد قوى الطهر عن الحيض بنفس الانقطاع، لأنه لا يتوهم العود فاستغنى عن معنى ينضم إليه فيقويه.
وقد تعلق بعض مشايخهم بالصوم، وقالوا: طهر يفيد إباحة الصوم فيفيد إباحة الوطء. دليله ما بينا.
وقالوا: وكما أن حرمة الوطء معنى يختص بالحيض فكذلك المنع من الصوم معنى يختص بالحيض فكل واحد قرينة صاحبه فاستويا.