فأجابه الحارث:
اللَّه يعلم ما تركت قتالهم ... حتّى رموا فرسي بأشقر مزبد [ (?) ]
فعلمت أنّي إن أقاتل واحدا ... أقتل ولا يبكي عدوّي مشهدي
ففررت عنهم والأحبّة فيهم ... طمعا لهم بعقاب يوم مفسد
[الكامل] ويقال: إن هذه الأبيات أحسن ما قيل في الاعتذار من الفرار.
قال الزّبير: ثم شهد أحدا مشركا حتى أسلم يوم فتح مكة، ثم حسن إسلامه. قال:
وحدثني عمي، قال: خرج الحارث في زمن عمر بأهله وماله من مكة إلى الشام، فتبعه أهل مكّة، فقال: لو استبدلت بكم دارا بدار ما أردت بكم بدلا ولكنها النقلة إلى اللَّه، فلم يزل مجاهدا بالشام حتى ختم اللَّه له بخير.
وله ذكر في ترجمة سهيل بن عمرو، قال الواقديّ عند أهل العلم بالسير من أصحابنا أن الحارث بن هشام مات في طاعون عمواس.
وقال المدائنيّ: استشهد يوم اليرموك وكذا ذكره ابن سعد عن حبيب بن أبي ثابت.
وأما ما رواه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن- أنّ الحارث بن هشام كاتب عبدا له. فذكر قصة فيها: فارتفعوا إلى عثمان.
فهذا ظاهره أن الحارث عاش إلى خلافة عثمان، لكن ابن لهيعة ضعيف ويحتمل أن تكون المحاكمة تأخرت بعد وفاة الحارث.
قال الزّبير: لم يترك الحارث إلا ابنه عبد الرحمن، فأتى به وبناجية بنت عتبة بن سهل بن عمرو إلى عمر، فقال: زوّجوا الشريدة بالشريد، عسى اللَّه أن ينشر منهما، فنشر اللَّه منهما ولدا كثيرا.
وكان الحارث يضرب به المثل في السؤدد حتى قال الشاعر:
أظننت أنّ أباك حين تسبّني ... في المجد كان الحارث بن هشام [ (?) ]
أولى قريش بالمكارم والنّدى ... في الجاهليّة كان والإسلام
[الكامل]