(هـ) - قالوا: نهاه عمر عن التحديث، وقال له: «لتتركن الحديث عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أو لألحقنك بأرض دوس» ، وهذا من عمر يدل على كذب أبي هريرة.

والجواب: أنّ أبا هريرة كان يرى لزاما عليه أن يحدّث النّاس بما سمعه من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خروجا من إثم كتمان العلم، وقد ألجأه ذلك إلى أن يكثر من رواية الحديث، فكان في المجلس الواحد يسرد الكثير من أحاديثه صلّى اللَّه عليه وسلم ولكن عمر- رضي اللَّه عنه كان يرى أن يشتغل النّاس أولا بالقرآن، وأن يقلّوا الرّواية عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في غير أحاديث العمل، وأن لا يروى للناس أحاديث الرّخص لئلا يتّكلوا عليها، ولا الأحاديث المشكلة التي تعلو على أفهامهم، كما أنه كان يخاف على المكثرين الخطأ في رواية الحديث إلى غير ذلك، ومن أجل ذلك كلّه نهى عمر الصحابة عن الإكثار من الرواية، وأغلظ لأبي هريرة القول وهدده بالنّفي، لأنه كان أكثر الصحابة رواية للأحاديث.

قال الحافظ ابن كثير: «وقد جاء أن عمر أذن له بعد ذلك في التّحديث فقال مسدّد بسنده عن أبي هريرة قال: بلغ عمر حديثي فأرسل إليّ فقال: كنت معنا يوم كنا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في بيت فلان؟ قال: قلت: نعم، وقد علمت لم تسألني عن ذلك؟، قال: ولم سألتك؟ قلت:

إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال يومئذ: «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوَّأ مقعده من النّار»

[ (?) ] قال: «أمّا إذن فاذهب فحدّث» [ (?) ] ، (و) - قالوا: ولم يكن عند أبي هريرة رصيد من الأحاديث أكثر من غيره، وإنّما الّذي جعله يتفوق على غيره من الصّحابة في كثرة الرّواية أنه استجاز لنفسه أن ينسب إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كل كلام حسن، قاله أو لم يقله، مما هو خارج عن دائرة الحلال والحرام.. قالوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015