وقد في فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى شَرَبَةَ النَّبِيذِ عَلَيْهِمْ، بِإِرْسَالِ الْأَنْفُسِ عَلَى السَّجِيَّةِ، وإظهار المرؤة، ولسنا نصف بهذه الْأَدْنِيَاءَ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ مِنَ النَّاسِ صِنْفٌ إِلَّا وَفِيهِ حُشْوَةٌ وَلَهُ شَوْبٌ. قَالَ أَعْرَابِيٌّ كَانَ تَرَكَ النَّبِيذَ ثُمَّ عَادَ فِيهِ:
قَدْ كُنْتُ تُبْتُ مِنَ النَّبِيذِ وَلَا أَرَى ... أَحَدًا مِنَ الْأَشْرَافِ إِلَّا يشرب
فخلفت لَا أَدَعُ النَّبِيذَ وَلَا أَرَى ... إِلَّا إِلَى أَصْحَابِهِ أَتَقَرَّبُ
مَا مِنْ أَخٍ لِي مُنْذُ كَانَتْ تَوْبَتِي ... إِلَّا تَجَنَّبَنِي كَأَنِّي أَجْرَبُ
وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَائِبٌ ... إِنْ كُنْتُ تُبْتُ فَقَدْ نَكَثْتُ فَجَرِّبُوا
وَقَدْ دَرَجَ النَّاسُ فِي مَآكِلِهِمْ وَمَشَارِبِهِمْ وَزِيِّهِمْ وَظَاهِرِهِمْ وَبَاطِنِهِمْ عَلَى أمرلم يُصْبِحِ النَّاسُ الْيَوْمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا.
كَانَ الصَّالِحُونَ من سلف يتمازحون ويضحكون ويرفعون رؤوسهم. وكان رسول الله) يَمْزَحُ وَلَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وسابق عائشة رحمها الله عليها فسبقها وَسَبَقَتْهُ أُخْرَى. وَوَقَفَ عَلَى أَصْحَابِ الدِّرْكِلَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، وَقَامَ يَنْظُرُ إِلَى وَفْدِ الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَزْفِنُونَ. وَمَازَحَ عَجُوزًا فَقَالَ إِنَّ الْجَنَّةَ لا