وَأَشَدُّ إِسْكَارًا مِنَ الْخَمْرِ وَأَصْعَبُ خُمَارًا وَأَبْطَأُ تَحَلُّلًا وَمَعَ شُرْبِهِ نَبِيذَ السِّقَايَةِ وَتَقْطِيبِهِ مِنْهُ حَتَّى مَزَجَهُ وَهُوَ نَقِيعٌ وَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَنَّ الْخَمْرَ يُتَّخَذُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيُسْقَاهَا الْحَجِيجُ فَإِنِ احْتَجُّوا بَأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ تَنْهَى عَنْهُ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَحُجُّ وَلَا يَشْرَبُ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ وَإِنَّمَا يَتْرُكُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ تَنَزُّهًا عَنْهُ كما كَمَا يَتْرُكُونَ السَّوِيقَ وَلَا يُجِيبُونَ إِلَى الطَّعَامِ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَشْرَبُهُ تَنَزُّهًا أَوْ كَرَاهَةً فَقَدْ شَرِبَهُ أبوه وهو خير منه.
وأما الَّذِينَ حَرَّمُوا بِالظُّرُوفِ وَأَحَلُّوا بِهَا فرأوا الحلو في الجر والتغير حراما ورأوا الصلب الشديد في السِّقَاءِ حَلَالًا وَالظَّرْفُ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُ وَإِنَّمَا كَرِهَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الظُّرُوفَ الدُّبَّاءَ الْمُزَفَّتَةَ وَالْحَنْتَمَ لأن النبيذ كان يشتد فيهما ويصلب فنها عَنْهَا ثُمَّ أَذِنَ فِيهَا وَقَالَ: اشْرَبُوا فِي كُلِّ ظَرْفٍ وَلَا تسكروا. رواية أبي الأخوص عَنْ سِمَاكٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي بردة بن دينار