يتعقبه أكل كان ذكاة، فوجب أن يكون ذكاة وإن تعقبه الأكل كالذبح، ولأنه جارح أبيح صيده فلم يمنع أكله من الصيد من أكلة البازي، ولأنه يأتمر إذا أمر وينزجر إذا زجر، فإذا صاد بعد الإرسال جاز أكله، أصله إذا أمسك عن أكله، ولأنّ أكل الجارح بعد تلف المصيد لا يمنع أكله، أصله إذا كان بعد مهلة، ولأن ترك الأكل لو كان من شرط التعليم لم يجز البدار بأخذ الصيد من فم الكلب حين عقره ووجب التوقف عليه لينظر هل أكل منه أو لا، وذلك باطل، ولأن عقره له قبل الأكل لا يخلو أن يكون ذكاة أو غير ذكاة، فإن لم يكن ذكاة فلم يجز أكله وإن أمسك عنه وذلك باطل، وإن كان ذكاة لم يضر ما طرأ عليه من بعد كما لو أكل منه غيره، فإن كان نزاعاً وجب التوقف عنه على ما ذكرناه.
[1833] مسألة: إذا عقر الكلب الصيد فأخذه الصائد فتلف في الفور قبل إمكان ذبحه جاز أكله، وقال أبو حنيفة: لا يجوز؛ فدليلنا قوله تعالى: "فكلوا مما أمسكن عليكم"، ولأنه تلف بالعقر قبل إمكان تذكيته كما لو أدركه وقد مات.
[1834] مسألة: ليس من شرط تذكية الصيد أن يعقره الجارح أو السهم بحيث يشاهده، بل يؤكل وإن قتله غائباً عنه، ما لم يكن منه تفريط في طلبه إذا رأى فيه أثر كلبه أو سهمه ولم يبت، وسواء توارى عنه بعد أن رأى الجارح علق به أو قبل ذلك، خلافاً للشافعي في أحد قوليه: إنّه إذا قتله غائباً عنه بعد أن رآه علق به لم يؤكل، وفي قوله: إنه إذا كان قبل مشاهدته متشبثاً به فلا يؤكل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أرسلت كلبك المعلّم وذكرت اسم الله فكل» فعم، ولأن في اعتبار مشاهدة عقره تكليف مشاهدة تؤدي إلى سد