أن الكفالة بالنفس تتضمّن غرم الملك، بدليل أنّه لو لم يأت به لغرم، وإذا كان كذلك فقد حصل الشرط الذي علّق الحنث به فوجب أن يحنث، ولأنه مال يلزم غرمه بحق كفله، فوجب أن يحنث متى تكفَّل بما يتضمّنه في يمينه إذا حرم على نفسه إن جاء يتكفل بالماء، أصله إذا نص على المال.

[1783] مسألة: إذا حرَّم على نفسه طعاماً أو شراباً أو لباساً أو أمة أو شيئاً من المباحات سوى الزوجة، فلا حكم لذلك ولا كفارة يمين ولا غيرها، وقال أبو حنيفة: إذا أطلق حمل على الأكل والشرب دون اللّباس، فيلزمه كفارة يمين، وقال زفر: يحمل على كل شيء حتى الحركة والسكون؛ فدليلنا قوله تعالى: "لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم"، وقوله تعالى: "قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون"، فوصف ذلك بأنه افتراء [على] وجه الزجر عن فعله، فدل أنه لا كفارة فيه، ولأنه حرم على نفسه مباحاً له نهي عن تحريمه كاللّباس والطيب، ولأن كل ذات لا يصحّ فيها الطلاق أو الإعتاق فلا يتعلق بتحريمها حُكْمٌ كاللّباس.

[1784] مسألة: إذا حلف ليشربن الماء الذي في الكوز وليس فيه الماء، أو ليقيلن فلاناً وقد مات قبل يمينه، فلا تنعقد يمينه، وسواء عندي علم أو لم يعلم، وقال أبو يوسف: يحنث؛ فدليلنا أنه حلف على مُحَالٍ فلم ينعقد يمينه، أصله لو حلف على ماض، ولأن الانعقاد لا يكون إلا فيما يتأتى فيه البر والحنث، وذلك لا يمكن في هذا الموضع.

[1785] مسألة: إذا حلف لا يتسرى، والتسري هو الوطء بملك اليمين، ولا يراعى أن يطلب بوطئه الولد، وقال أبو حنيفة: التسري أن يحصنها أو يطأ، والتحصين عندهم حفظها وصيانتها عن التبذل، وقال الشافعي: التسري طلب الولد، وهو الوطء والإنزال أحبل أم لم يحبل؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015