وللشافعي في ذلك أربعة أقوال: أحدها مثل قولنا، والاَخر أنه يلزمه رضا الواهب، والثالث مقدار المكافأة على مثل تلك الهبة في العادة، والرابع أقل ما يقع عليه الاسم؛ ودليلنا على فساد اعتبار الرضا، هو أن الواهب قد لا يرضى بأضعاف قيمة الهبة [من] الموهوب له، وذلك لا يلزم، لأن فيه إضرارًا بالموهوب له إلا أن يرد الهبة [بعد أن] قد ثبت له منها حق التمليك، ولأنه عوض غير مقبوض، فلم يقف على رضا من يأخذ العوض كسائر المعاوضات، ولأن العوض في عقد المعاوضات على ضربين: مذكور فيجب ما ذكر كالثمن في المبيع، ومسكوت عنه يجب فيه قيمة المعوض

كالمهر في التفويض؛ ودليلنا على فساد اعتبار العرف لأنّه لا عرف في ذلك، وإنما هو على حسب ما تسمح به نفس المكافىء وحلاوة الموهوب في نفسه؛ ودليلنا على أنه لا يعتبر أقل ما يقع عليه الاسم ما قدمناه أن العرف جار بأن الواهب يهب لطلب التقرب إلى الموهوب ونيل رفده لا ليخسر ويصير كمن وهب لغير عوض، وإذا بطل كل ذلك لم يبق إلا اعتبار القيمة.

والله أعلم.

[1209] مسألة: هبة المجهول جائزة، خلافاً للشافعي؛ لقوله تعالى: "وإيتاء ذي القربى"، ولأنها هبة لما تصح هبة جنسه فأشبه المعلوم.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015