كانت عليه، ثم أحياها اخر، فهي للثاني، وقال أبو حنيفة والشافعي هي للأول؛ فدليلنا قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له " فعمّ، ولأنّه عين مباحة في الأصل عادت إلى الأصل، فأشبه الماء إذا أخذ من دجلة.
[1188] مسألة: يجوز إحياء الذمي الموات، خلافاً للشافعي؛ لعموم الخبر، واعتبارًا بالاصطياد والاحتطاب.
[1189] مسألة: للإمام أن يحمي المراعي إذا احتاج إليها لإبل الصدقة ورأى في ذلك مصلحة، خلافًا للشافعي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا حمى إلا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين من بعده "، ولأن عمر حمى البقيع، ولانّ ذلك من مصالح إرفاق المسلمين العامة، فكان النظر فيه إلى الإمام.
[1190] مسألة: إذا حفر بئرًا في موات لسقي ماشية، وبقربها كلأ لا يمكن الرعي فيه إلا بالشرب منها، لم يجز له منع ما زاد على قدر حاجته لنفسه وبهائمه، ولزمه إباحته لغيره ممّن يحتاج إليه بغير عوض، وقال قوم يلزمه بذله بالعوض، وقال بعض الشافعية يستحب له بذله ولا يلزمه على كل وجه. ودليلنا على أنّه يلزمه قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ "، وقوله: " لا
_____
سبق تخريجه في المسألة السابقة.
قوله "لا حمى إلأ لله ولرسرله " أخرجه البخاري في المساقاة، باب لا حمى إلاّ لله ولرسوله، عن الصعب بن جثامة. ولم أقف على رواية بها قوله "ولأئمة المسلمين ".
اختلفت المصادر هل " البقيع " بالباء أو بالنون، فإن كان بالنون فيكون أول من حمى "البقيع " هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عمر بن الخطاب. وان كان بالباء فإنه مكان آخر حماه عمر، واختلفوا هل يوجد مكان اسمه " البقيع " غير "بقيع الغرقد" مدفن أهل المدينة.
(انظر في ذلك: البخاري في المساقاة، باب لا حمى إلا لله ولرسوله، وسنن أبي داود في الخراج والإمارة والفيء، باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل، ومعالم السنن للخطابي: 270/ 4، وطبقات ابن سعد: 305/ 3، وعمدة القاري للعيني: 12/ 193، ومعجم البلدان: 5/ 348 و 349، والتلخيص الحبير: 7/ 521).
أخرجه مالك في الأقضية، باب القضاء في المياه، والبخاري في المساقاة، باب من قال إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروي، ومسلم في المساقاة، باب تحريم بيع فضل الماء، عن أبي هريرة، بلفظه.