المثل، فإذا ملك بها البيع لم يجز أن يبيع بأقل من ثمن المثل كالوصية، ولأن المحاباة في معنى الهبة، بدليل اعتبارها أنها إذا وقعت في المرض من الثلث، وقد ثبت أن الوكيل لا يملك الهبة فلم يملك المحاباة؛ ودليلنا على أنه لا يجوز إلى أجل أن البيع المطلق في الشريعة يقتضي التقدير بدليل أن من قال لرجل بعتك هذا الثوب بدينار فقال: قبلت، اقتضى النقد بحق الإطلاق، فإذا كان الوكيل إنما أذن له في بيع مطلق فكأنه إنما أذن له على وجه المعقول منه، وهو النقد، فلم يجز بيعه على غيره؛ ودليلنا على أن الإطلاق يقتضي نقد البلد أن الموكل لو باعه بنفسه بيعا مطلقا لاقتضى نقد البلد، فكذلك إذا أذن الموكل فيه.
[1037] مسألة: ومن له في ذمة رجل دين، أو غيره عين من الأعيان في غير ذمته، فجاءه من ادعى أنه وكيل صاحب الحق في تسليم ذلك الحق منه، ولا بينه له فصدقه الذي عليه الحق، فلا يجبر على تسليمه، وفصل أبو حنيفة بين العين وما في الذمة، فقال يجبر على أن يعطيه ما في ذمته ولا يجبر على تسليم ما في الأعيان، وقال أبو يوسف يجبر في الوصفين؛ فدليلنا أن كل من لم يبرأ بالدفع إليه، لم يجبر على تسليم الحق إليه كالأجنبي، ولأنه أقر على غيره بالتوكيل فلم يلزمه بحكم ذلك الإقرار تسليم ما في يديه إلى الوكيل كالأعيان.
[1038] مسألة: توكيل المراهق لا أعرف نصا فيه، وعندي أنه لا يصح، خلافا لأبي حنيفة؛ لأن كل من لم يصح أن يوكل، لم يصح أن يتوكل كالمجنون، ولأنه غير مكلف كالصغير والمجنون.
[1039] مسألة: اختلف أصحابنا في الوكيل يعزله الموكل فيتصرف بعد عزله وقبل علمه بالعزل، فمنهم من يقول يبطل تصرفه بعزله، علم أو لم يعلم، ومنهم من يقول لا يبطل إذا لم يعلم، وهو قول أهل العراق،