وقت لا يبنّينه له، وذلك غير صحيح، وفي نفسي التأثيم إخراج الفعل عن الوجوب إلى الندب، لأنّ النفل هو الذي يكون للمكلّف تركه إلى غير إثبات غاية ولا يأثم إذا مات ولم يفعله، ولا يعصمهم من هذا إثبات العزم على إيقاعه في المستقبل؛ لأنّ في ذلك إيجاب ما لم يوجبه الأمر وإسقاط ما أوجبه من الفعل، فثبت بهذه الجملة ما قلناه.

[713] فصل: وإذا ثبت ما قدّمناه أنّ الأوامر المطلقة تقتضي الفور فكذلك الإيجاب المطلق وقد قال الله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}، فيجب أن يكون ذلك على الفور، ويدلّ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (حجّوا قبل أن لا تحجّوا)، وهذا تأكيد يدلّ على وجوب الفور واعتباره، وقوله: (من لم يمنعه من الحجّ حاجة ظاهرة أو سلطان جائر فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً) وهذا مقرون من الوعيد المتأكد بأبلغ ما يكون، وقوله: (من أراد الحجّ فليتعجّل)، وهذا تصريح في الفور، ولأنّ إيجاب الحجّ معلّق بشرط، والأصل فيما علّق بالشروط لزومه عقيب الشرط بلا فصل، كقوله: من دخل الدار فأعطه درهماً، ولأنّها عبادة متعلّقة بالبدن فلم يعتبر في تقديمها خشية العجز أصله الصلاة، ولأنّها عبادة لها تحريم وتحليل فلم يعتبر فعلها بحال خوف فواتها كالصلاة.

[أشهر الحج]

[714] مسألة: أشهر الحجّ ثلاثة، شوال وذو القعدة وذو الحجّة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015