وطئها، ولأن الدخول في العبادة سبب يجب به حج التطوع، فوجب أن يجب به صوم التطوع كالنذر، ولأنها عبادة مقصودة لنفسها فوجب إذا دخل في نفلها أن يلزمه إتمامها كالحج والعمرة، ودليلنا على وجوب القضاء حديث عائشة وحفصة أنهما، أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهديت لهما هدية، فأفطرتا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (اقضيا يوماً مكانه)؛ ولأنها عبادة مقصودة في نفسها، فجاز أن يجب القضاء على مفسد نفلها كالحج والعمرة، ولأنا قد اتفقنا على أنه لو تصدق بصدقة وقبضها المتصدق عليه، ثم ارتجعها فإن عليه ردها، كذلك الصوم؛ لأن كل واحد منهما يلزم بالنذر وإذا دخل فيه بنية النفل لزمه.
[686] (فصل): ودليلنا على أبي حنيفة قوله - صلى الله عليه وسلم - لأم هانئ: (وإن كان من تطوع فلا قضاء عليك)، وقد ثبت أن هذا لا يكون مع عدم العذر، فصح أنه مع العذر، ولأنه لابد أن يكون للفرض مزية على النفل في الإيجاب، فلو ألزمناه القضاء مع العذر وغيره لاستوى النفل والفرض، ولأن الحج والعمرة آكد من سائر العبادات، وقد ثبت أن له أن يتحلل متى صده العدو عن البيت ولا قضاء عليه في التطوع، فكان الصلاة والصيام بمثابتها.
[687] مسألة: وإذا رفض الصوم، واعتقد الخروج منه، بطل صومه، قاله الشيخ أبو بكر. وقال سحنون: من نوى أن يفطر في نهار رمضان فإنما يقضي استحباباً، وهذا يدل على أنه لا يفطر عنده حقيقة، فدليلنا أن النية