قَالَ: وَمَحَاوِيجُ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْمُسْلِمِينَ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَخْتَصُّ الْوُجُوبُ بِأَهْلِ الثَّرْوَةِ. وَمِنْهَا: إغَاثَةُ الْمُسْتَغِيثِينَ فِي النَّائِبَاتِ وَيَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْقُدْرَةِ. وَمِنْهَا: فَكُّ الْأَسْرَى، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ التَّجْرِيدِ لِابْنِ كَجٍّ. وَمِنْهَا إقَامَةُ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَمَا تَتِمُّ بِهِ الْمَعَايِشُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحَرْثِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ: حَتَّى الْحِجَامَةِ وَالْكَنْسِ.

وَمِنْهَا تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا وَتَوَلِّي الْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ وَإِعَانَةُ الْقُضَاةِ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْحُقُوقِ. وَمِنْهَا: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَا يَخْتَصُّ بِأَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ وَلَا بِالْعَدْلِ وَلَا بِالْحُرِّ وَلَا الْبَالِغِ وَلَا يَسْقُطُ بِظَنٍّ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ عَادَةً مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مَفْسَدَةً أَعْظَمَ مِنْ ضَرَرِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ.

وَمِنْهَا: النِّكَاحُ. عَدَّهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَرْضَ كِفَايَةٍ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أَهْلُ قُطْرٍ أُجْبِرُوا. حَكَاهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ، وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى قِتَالِهِمْ، وَإِنْ قَنَعُوا بِالتَّسَرِّي مَعَ تَضْعِيفِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَكِنْ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوْهَرِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ مَا إذَا طَلَبَهُ رَجُلٌ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى نِسَاءِ الْبَلَدِ إجَابَتُهُ، وَيَسْقُطُ بِوَاحِدَةٍ ; وَكَذَا عَلَى الْأَوْلِيَاءِ الْمُجْبَرِينَ وَخَطَّأَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ: الْمُرَادُ تَرْكُهُ لِلْأَمَةِ ; لِانْقِطَاعِ النَّسْلِ

. وَمِنْهَا: تَعْلِيمُ الطَّالِبِينَ، وَالْإِفْتَاءُ، وَلَا يَكْفِي فِي إقْلِيمٍ مُفْتٍ وَاحِدٌ وَالضَّابِطُ: أَنْ لَا يَبْلُغَ مَا بَيْنَ مُفْتِيَيْنِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ قَالَ الْفَزَارِيّ: وَلَا يُسْتَغْنَى بِالْقَاضِي عَنْ الْمُفْتِي ; لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُلْزِمُ مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَالْمُفْتِي يَرْجِعُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ الْعَارِضَةِ.

وَمِنْهَا: إسْمَاعُ الْحَدِيثِ. وَمِنْهَا: تَصْنِيفُ الْكُتُبِ. أَشَارَ إلَيْهِ الْبَغَوِيّ فِي أَوَّلِ التَّهْذِيبِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ: تَصْنِيفُ الْكُتُبِ لِمَنْ مَنَحَهُ اللَّهُ فَهْمًا وَاطِّلَاعًا، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ - مَعَ قِصَرِ أَعْمَارِهَا - فِي ازْدِيَادٍ، وَتَرَقٍّ فِي الْمَوَاهِبِ وَالنَّوَادِرِ. وَالْعِلْمُ: لَا يَحِلُّ كَتْمُهُ فَلَوْ تُرِكَ التَّصْنِيفُ لَضُيِّعَ الْعِلْمُ عَلَى النَّاسِ. وَمِنْهَا: الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ فِي الدِّينِ، وَبِعُلُومِ الشَّرْعِ، وَهِيَ: التَّفْسِيرُ، وَالْحَدِيثُ، وَالْفِقْهُ، بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ وَآلَاتُهَا كَالْأُصُولِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015