كَاللُّبْسِ. وَالِاسْتِمْتَاعِ، وَالدُّهْنِ، وَالطِّيبِ. سَوَاءٌ جَهِلَ التَّحْرِيمَ، أَوْ كَوْنَهُ طِيبًا.
وَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ: عَدَمُ الْإِفْسَادِ، وَعَدَمُ الْكَفَّارَةِ، وَالْفِدْيَةِ. وَفِي أَكْثَرِهَا خِلَافٌ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ: الْفِعْلُ الْكَثِيرُ فِي الصَّلَاةِ، كَالْأَكْلِ، فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا فِي الْأَصَحِّ لِنُدُورِهِ.
وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ الصَّوْمَ بِالصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْكَثِيرِ ; لِأَنَّهُ لَا يَنْدُر فِيهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ فِيهِ هَيْئَةً مُذَكِّرَةً.
وَمِنْهَا: لَوْ سَلَّمَ عَنْ رَكْعَتَيْنِ نَاسِيًا، وَتَكَلَّمَ عَامِدًا " لِظَنِّهِ إكْمَالَ الصَّلَاةِ " لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ.
وَنَظِيرُهُ: مَا لَوْ تَحَلَّلَ مِنْ الْإِحْرَامِ وَجَامَعَ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ، لِكَوْنِ رَمْيِهِ وَقَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ.
وَمِنْ نَظَائِرِهِ أَيْضًا: لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا، فَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ، فَجَامَعَ، فَفِي وَجْهٍ: لَا يُفْطِرُ قِيَاسًا عَلَيْهِ.
وَالْأَصَحُّ: الْفِطْرُ ; كَمَا لَوْ جَامَعَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الصُّبْحَ لَمْ يَطْلُعْ، فَبَانَ خِلَافُهُ، وَلَكِنْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ ; لِأَنَّهُ وَطِئَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا: لَوْ ظَنَّ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا.
وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْقِسْمِ أَيْضًا مَا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَعِيبًا جَاهِلًا بِهِ. فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ، إنْ سَاوَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُسَاوِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ.
تَنْبِيهٌ:
مِنْ الْمُشْكِلِ: تَصْوِيرُ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَهْلٌ بِحَقِيقَةِ الصَّوْمِ. فَإِنَّ مَنْ جَهِلَ الْفِطْرَ جَهِلَ الْإِمْسَاكَ عَنْهُ، الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ، فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: فَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي مُفْطِرٍ خَاصٍّ مِنْ الْأَشْيَاءِ النَّادِرَةِ، كَالتُّرَابِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَخْفَى، وَيَكُونُ الصَّوْمُ الْإِمْسَاكَ عَنْ الْمُعْتَادِ، وَمَا عَدَاهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ، " وَإِمَّا أَنْ يُفْرَضَ " كَمَا صَوَّرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَنْ احْتَجَمَ أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا ; فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ، فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ، جَاهِلًا بِوُجُوبِ الْإِمْسَاكِ، فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ عَلَى وَجْهٍ. لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِيهِ: الْفِطْرُ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: كُلُّ مَسْأَلَةٍ تَدِقُّ، وَيَغْمُضُ مَعْرِفَتُهَا، هَلْ يُعْذَرُ فِيهَا الْعَامِّيُّ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ.