أنا منك طالق على الخلاف في كون الزوج معقودًا عليه ما لو قال الرجل لولي المرأة: "زوجت نفسي من ابنتك" فقال الولي: قبلت النكاح هل ينعقد وفيه وجهان.

ومنها: لا ينعقد النكاح إلا بلفظ التزويج أو الإنكاح، وقالت الحنفية: ينعقد بلفظ الهبة والبيع والتمليك لأنهم لما جعلوا "الحل" فقط والرجل كمشتر تملك البيع جوزوه بهذه الألفاظ الناقلة للأملاك.

ومنها: الزوج يغسل زوجته إذا ماتت كما يجوز لها غسله إذا مات وكما اشتركا في حل اللمس والنظر، وقال الحنفية: لا يجوز لها غسله ويجوز له تغسيلها لانقطاع المالكية بفوات مالك المحل.

ومنها: اسم الزنا حقيقة في الزاني والزانية، ونسبته إليهما واحدة خلافًا لهم وستأتي المسألة في مسائل الزنا إن شاء الله تعالى.

خاتمة:

إذا تأملت هذه الفروع ورأيت اختلاف الأصحاب فيمن بناها على أن الزوج معقود عليه أو لا واتفاقهم على ما لم يبن على ذلك بل على أنه محل النكاح؛ بحيث لا يخالفهم حينئذ إلا الحنفية عرفت ما قدمناه لك من أنه يلزم من كونه غير معقود عليه -وهو ما ارتضاه الإمام الغزالي لا يكون محلًا للنكاح.

وحاصل كلام الإمام الغزوالي أنه لا يحتاج في إيقاع الطلاق في قوله: أنا منك طالق إلا أن يكون معقودًا عليه بل ولا أن يكون محلًا للنكاح بل الطلاق واقع بهذه اللفظة إذا نوى -وإن لم يكن معقودًا عليه ولا محلًا للنكاح.

وهذا صحيح نوافقهما عليه فإن في مسألة "أنا منك طالق" غنية عن هذا الأصل، وإنما ذكرها الخلافيون لأنه يلزم من إثبات هذا الأصل تصحيح المسألة وإن لم يلزم من إبتطاله إبطالها -فقرروا صحته ليثبت مرادهم فيها.

وقرر الإمام والغزالي صحتها غير متعلقين بالأصل إما لضعفه عندهما أو لأن التشكيك عليه أظهر منه -على الأسلوب الذي ذكرناه، ولا شك في ذلك.

مسألة: معتقد الشافعي رضي الله عنه أن أثر الشيء لا يتنزل منزلته في وجوده وعدمه وأن من فعل ذلك فقد قلب الحقائق وجعل التابع متبوعًا والمتبوع تابعًا وخالف الحس فإن الأحكام والآثار تبع الحقائق حسًا وحقيقة وخالف في ذلك الحنفية فذهبوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015