ومنها: في حديث فيروز الديلمي في نكاح الأختين "اختر أيهما شئت" 1، ولم يسأل عن كيفية النكاحين، فدل على قطع النظر عن حالة الشرك وجعلهما الآن كأنهما أختان يريد العقد على إحداهما.

وهذا المثال ذكره جماعة من المحققين منهم الوالد رحمه الله، وقد يقال: إنه غير مطابق لأن فيه لفظة أي وهي من ألفاظ العموم الصريحة؛ فلا يحتاج معها إلى تنزيل اللفظ منزلة العموم إلا أن يكون بالنسبة إلى أحوال الناكحين فليتأمل فيه.

ومنها: إطلاقه صلى الله عليه وسلم الإذن لثابت بن قيس بن شماس2 في الخلع من غير استفصال عن [حالة] 3 الزوجة هل هي حائض أو طاهر طهرًا جامعها فيه أو لم يجامعها مع أن الحيض ليس بنادر في النساء ولا في الطهر الذي جامعها فيه.

ومن ثم استدل الأصحاب على جواز خلع الحائض والطاهر طهرًا جامعها فيه وهو الصحيح في المسألتين؛ لهذا الحديث.

ومنها: حديث عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم: إني استحاض فلا أطهر أفادع الصلاة؟ 4.

قال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: المستحاضة إما مبتدأة أو معتادة وكل منهما إما مميزة أو غير مميزة والحديث فيه دلالة على أن هذه المرأة كانت معتادة لقوله صلى الله عليه وسلم "دعي الصلاة قدر الأيام التي كانت [تحيضين] 5 فيها" وليس في هذا دليل على أنها مميزة أو غير مميزة فإن ثبتت رواية أخرى تدل على التمييز لا معارض لها؛ وإلا فقد يستدل بهذه الرواية من يرى الرد إلى أيام العادة وإن كانت غير مميزة وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي رضي الله عنه والتمسك به ينبني على أن ترك الاستفاصل ينزل منزلة العموم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015