المطلق، وكلامنا في تخصيص العام؛ فلا يلزم من الأول والثاني. وقد شكك الشيخ صدر الدين بن المرحل رحمه الله على قولهم النادر لا يخطر بالبال؛ فلا يدخل تحت العموم بأن هذا لا تبين له في كلام الله تعالى؛ فإنه لا يخفى عليه خافية.

وبلغني أن تلميذه قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن جملة1 رحمه الله -من أجل ذلك يقول: إن كان العموم في الكتاب فلا شك في دخول النادرة، وإن كان بالسنة وقلنا: إنها بالوحي فكذلك، وإن كانت بالاجتهاد فهو موضع الخلاف.

قلت: وكل هذا بمعزل عن مراد الأصوليين إذا مرادهم أن الصورة النادرة التي لا تخطر ببال العربي عند الإطلاق لا يردها الشارع الذي جاء بالقرآن المتلو بلسانهم وما يتخاطبون به في محاوراتهم. هذا موضع النظر، وما ذكره ابن جملة من التفصيل في النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر.

والصواب عندنا أنه صلى الله عليه وسلم لا تذهب عن خاطره النادرة كيف وهو يقول: والله لقد رأيت ما أنتم لاقون في دنياكم وآخرتكم. ويقول: ما من شيء توعدونه إلا وقد رأيته في صلاتي هذه حتى الجنة والنار2.

ولا يمكن أن يعمم لفظًا إلا وقد أتى على مدلوله استحضارًا؛ غير أنه يستحضر النادرة ويعلم أن قومه لا يعنونها بهذا اللفظ فينطق على لسان قومه، فلا تقع مرادة بحكمه ولا مشمولة بلفظه.

إذا عرفت هذا ففي القاعدة مسائل من آيات وأحاديث.

منها: قوله تعالى في المتمتع: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} 3. الآية كما عرفت -ومنها حديث: أيما إهاب دبغ فقد طهر فلا يخفي ندرة دباغ جلد الكلب وجلد الآدمي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015