فقال أبو علي الجبائي1: لا يشترط أن يكون المفعول فيه غير قادر على مدافعة الفاعل. وقال ابنه أبو هاشم2: "بل يشترط ذلك".
إذا عرفت هذا فقد اتفقوا على أن الملجأ قادر على ما ألجئ إليه، وأنه لم يفعل غيره فيه فعلًا، لا خلاف بين الأشعرية والمعتزلة في ذلك. وإن اختلفت عباراتهم في تعريفه بما هو مذكور في كتب المتكلمين.
فالملجأ دون المضطر المعتزلة، ومثله عند الأشاعرة، ودونهما المكره المذكور في كتب الفقهاء.
وعلى هذه الأصول من عدم اختياره بالكلية وصار كالآلة المحضة فلا يتعلق به إثم، وهو المضطر عند المعتزلة كمن شد وثاقه وألقى على شخص فقتله بثقله، أو كان على دابة فمات وسقط على شيء فإنه لايضمن، وليس كالمكره، ولا كالمضطر.
ومن مسائل القاعدة:
المضطر لأكل الميتة يجب عليه أكلها على الصحيح، وفي وجه لا يجب، وقد يوجه بأصول المعتزلة فيقال: "لا فعل للمضطر ولا اختيار حتى يتعلق به إيجاب ويكتفي بضرورة الداعية عنده.
وقد أورد بعضهم على تعريف القاضي متناول الميتة حالة المخمصة فإنه مضطر بنص الكتاب. ولا ضرر عليه في تناولها. وهو إيراد منقدح عندي، وإن كان بعض المعنيين بالقاضي. قال: