شهدت البينة على إقراره بالتزوير كما ذكره القاضي الحسين. أو على بينة كشفت الحال كشفًا، ولم تطلق القول إطلاقًا، وأما أنها لا تدرأ عن الشهود عليه ما شهد عليه به -ولا ينبغي أن يرتاب في ذلك.

الثانية: وهي مما يؤيد التوسط الذي قلناه -قول الأصحاب: "الجرح لا يقبل إلا مفسرًا" يعنون لا يقبل لإثباته؛ وإلا فإذا أطلق الجارح جرحه، ولم يبين السبب توقفنا لأجله ولم نحكم بمقابله.

صرح به النووي في شرح مسلم وغيره، وهو دليل على قولنا فيمن شهد أنه شاهد زور أنه يتوقف في شهادته لأجلها ولم نحكم بأنه شاهد زور.

ورأيت في الإشراف -للقاضي أبي سعد الهروي: "أن الشاهد إذا قال أنا مجروح قبل قوله، وإن لم يفسر"؛ فهذه تستثنى من قولهم: "لا يقبل الجرح إلا مفسرا، وفيها -عندي- وقفة".

الثالثة: ليس كل عدل يقبل قوله في الجرح، وإن فسره بل ينبغي التفحص في أمره والكشف عما لعله بينه وبين المشهود عليه من عدواة أو منافسة تحمل إما على شهادة الزور أو على الظن بمجرد السماع -مع حب أذى المشهود عليه- أو غير ذلك من الأغراض التي كثرت في هذا الزمان.

وقد تكلمنا في كتابات الطبقات الكبرى في الطبقة الثانية في ترجمة أحمد بن صالح المصري1 -على هذا كلامًا حسنًا.

والحاصل: أن كلام النظير في النظير أو من يقاربه، وكذا من ينتمي إلى النظير يجب التوقف فيه جدًّا إلى أن يتضح غاية الاتضاح. وقد قال شيخ الإسلام تقي الدين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015