محتجا بأنه لو لم يكن حرا، لم يكن المقول له عالما بحريته، وقد اعترف السيد بعلمه.
وهذا بخلاف ما لو قال: أنت تظن، ويشبهه، ما رأيته في أدب القضاء لشريح الروياني "أنه لو قال: علي ألف -فيما أظن أو أحسب- لم يلزمه، وإن قال: فيم أعلم أو أشهد، لزمه. ويستثنى من هذه القاعدة مسائل:
منها: لا يصدق السفيه في دعوى توقان نفسه واحتياجه للنكاح.
ومنها: لا تصدق1 في دعوى الحمل حتى يدفع إليها النفقة.
ومنها: إذا اختلف الزوجان في أنه نوى الطلاق إذا أتى بلفظ الكناية؛ فإن القول قول الزوج2.
قاعدة: قال أبو عاصم العبادي في أدب القضاء، وتبعه أبو سعيد الهروي في أواخر كتاب الإشراف: "لا يقتص من نفسه لغيره إلا في مسألتين".
إذا أكل اللقظة، وأخذ الثمن من نفسه وصار أمانة، قال أبو سعيد: "يعني إذا أخذ قيمته من نفسها وعرفها -فهي أمانة- في أحد الوجهين.
والثانية: إذا قال [اقبض ما لي] 3 عليك من الدين؛ فأسلم في كذا، صح قال ابن سريج4: والمذهب أنه لا يصح - انتهى.
قلت: أما مسألة اللقطة إذا أكلها؛ فالأصح -على ما ذكر الرافعي [ووقف] 5 فيه الشيخ الإمام -وجوب التعريف بعد ذلك، قال الإمام: إلا أن يكون في الصحراء.
والأصح أنه لا يجب - بعد ذلك [الإقرار] 6 القيمة لأن ما في الذمة، لا يخشى هلاكه وإذا أفرز كان أمانة في يده، ولعل الوجهين اللذين أشار أبو عاصم إليهما بقوله: فهي أمانة -في الوجهين هما هذان، ولا يريد أن الخلاف في كونه أمانة؛ بل في أنه هل يفرز، أو لا.
فإن قيل: بالإفراز، كان أمانة، ثم على القول بوجوب الإفراز - قول أبي عاصم أنه يقبض لغيره من نفسه - غريب، والمحفوظ أنه يرفع الأمر إلى الحاكم ليقبض عن صاحبه، وللإمام احتمال في أن الملتقط يقيم نائبا عن المالك.