الفرع الثاني: المراحل التعليمية الخارجية:

فبعد أن استوعب أبو الوليد الباجي علوم الأندلس، ونبغ في فنون متعددة في سن الفتوة وهو ابن الثالثة والعشرين من عمره فإنه - بالرغم من الفوضى السياسية التي عمت ربوع الأندلس وانتشرت في عهد ملوك الطوائف - فقد وجد في نفسه عزمًا قويًا، ورغبة ملحة في المزيد من طلب العلوم فقرر الرحيل صوب المشرق الإسلامي سنة 426 هـ (?).

وفي أثناء سفره تعرَّف على أحوال الأدب في الأقطار الإسلامية التي مرَّ بها ومدى ميول الناس إلى الأدب وكثرة اشتغالهم به نظمًا ونثرًا، وقتئذٍ عقد العزم على الانقطاع لطلب العلوم الشرعية لقلة من يجيدها من العلماء.

وفي هذا المضمون يقول ابن بسام: ( ... ولم تزل أقطار تلك الآفاق تواصله، وعجائب الشام والعراق تغازله حتى أجاب، وشدَّ الركاب، وودَّع الأوطان والأحباب فرحل سنة ست وعشرين، فما حلَّ بلدًا إلا وجده ملآن بذكره، نشوان من قهوتَيْ نظمه ونثره، ومال إلى علم الديانة، وقد كان قبل رحلته تولى إلى ظله، ودخل في جملة أهله، فمشى بمقياس، وبنى على أساس) (?).

وكان أول منازله الحجاز:

ففي مكَّة لزم أبو الوليد الباجي العالم المتبحر أبا ذر الهروي (?) ملازمة الظل، ومكث عنده ثلاث سنوات (?) درس عنه الفقه المالكي والحديث (?) وعلومه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015