وقد سادت - في عصره وضمن محيط مجتمعه بالأندلس - موجة علمية عالية تقوم على التنافس الجاد في مختلف العلوم وشتى الفنون وسائر المعارف، وفي هذا الجوِّ العلمي العام ترعرع أبو الوليد الباجي وكلُّه إرادة جدِّية، وحزم أكيد، يساعده ذكاؤه الوقاد وتعليمه الأولي، ويدفعه حرصٌ شديدٌ، ورغبةٌ مُلحَّةٌ صادقة في طلب العلم واكتسابه، والتبحُّر في أنواع المعارف المختلفة، متبعًا في ذلك هدي العلماء العاملين، ومقتديًا بهم سلوكًا وأخلاقًا.
المطلب الثاني
وفاة أبي الوليد الباجي
بعد أن قضى أبو الوليد الباجي حياة جهادية من أجل تحصيل العلم ونشره تعليمًا وتأليفًا ومناظرة، والسعي إلى دعوة حكام الأقطار الأندلسية للالتفاف حول المرابطين لنصرة الإسلام ونبذ أحقادهم وجمع كلمة المسلمين ضد عدوهم المشترك ألفنسو السادس الذي كان يتربص بالإسلام والمسلمين الدوائر، انتهى به السعي والمطاف بمدينة (الْمَرِيَّة) (?) () حيث أدركته المنيَّةُ ليلة الخميس - بين العشائين - في التاسع عشر من رجب (?) سنة 474 هـ.