ولا يخفى تأثر أبي الوليد الباجي بشيخه أبي إسحاق الشيرازي في مسائل تعرض لها في كتبه الأصولية والجدلية وهي: (التبصرة) و (شرح اللمع) و (المعونة في الجدل) كما هو الحال في اصطلاح لحن الخطاب وفحوى الخطاب وإطلاق لفظ الراوي وغيرها، كما اعتمد على كُتبه في نقل الآراء الأصولية للمذهب الشافعي، وعلى كتب شيخه أبي جعفر السمناني في نقل اجتهادات المذهب الحنفي، كما أفاد المؤلِّف من كتاب (التقريب في أصول الفقه) لأبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني في مسائل عديدة منها: الأوامر والنواهي، والعموم والخصوص، وأحكام أفعال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومسائل أخرى.
وكان للباجي رأي مع الاجتهادات التي يوردها، فإن حصل توافق بينها وبين رأيه أخذ بها وإلا ناقشها وفنَّدها بالحجة والبرهان.
هذا، وإن كان لكتاب (الإشارة) جوانب إيجابية مهمَّة إلا أنه لا يخلو من جوانب أخرى سلبية مؤاخذِ علها - شكلًا ومضمونًا - يمكن أن نشير إليها في النقاط التالية:
* عدم التوازن الحاصل بين الأبواب والفصول، بحيث أننا نجد أبوابًا تتراوح فصولها من ثلاثة إلى أحد عشر فصلًا، وأبوابًا أخرى بفصل واحد فريد كباب أحكام الاستثناء، وباب بيان الأسماء العرفية، وباب أحكام الترجيح، وأبوابًا ثالثة مجرَّدة تمامًا عن الفصول: كباب حكم المطلق والمقيد وما يتصل بالخاص والعام، وباب حكم المجمل، وتارة نجد بعض المباحث الأصولية معراة عن الأبواب والفصول كمسائل النهي.
ومما تجدر ملاحظته - أيضًا - أن المؤلف قد يقسِّم المسألة إلى ضربين أو أكثر فيترك الضرب الأول ضمن الباب والأضرب الأخرى يجعلها ضمن فصول مثل ما فعل في باب الكلام في معقول الأصل، وقد يعمد - أحيانًا - إلى تقسيم المسألة قسمين، يضع القسم الأول في فصل والثاني في باب، مثل الذي حصل في باب أحكام الترجيح. وهذه المنهجية معيبَة من الناحية الشكلية.