وهكذا التقى الرجلان بمَيُورْقة (?) سنة 439 هـ بحضرة الوالي أبي العباس أحمد بن رشيق الكاتب (?)، وتحت رعايته جرت بينهما مناظرة في موضوعات متفرقة أصولية بصورة خاصة، تصب في مسألة نفي القياس وإبطال الرأي وتعليل الأحكام وما يترتب عن هذه القضايا من فروع فقهية (?)، وحسب جمهور المترجمين والمؤرخين أن ابن حزم خرج من هذا المجلس مغلوبًا بالحجج والبراهين التي أقامها الباجي وجادل بها خصمه وظهر تفوقه بارزًا (?)، وفي هذا السياق يقول القاضي عياض: (فجرت له معه مجالس كانت سبب فضيحة ابن حزم وخروجه من ميورقة، وقد كان رأس أهلها، ثم لم يزل أمره في سفال فيما بعد) (?)، وكان من نتائج هذه المناظرة مغادرة ابن حزم لميورقة (?)، وقدوم المعتضد بن عباد على إحراق كتبه بإشبيلية (?)، وفي هذا المضمون يقول أبو محمد ابن حزم:
دَعُونِيَ مِنْ إِحْرَاقِ رَقٍّ وكَاغِدٍ … وقُولُوا بِعِلْمٍ كَيْ يَرَى النَّاسُ مَنْ يَدْرِي
فَإِنْ تَحْرِقُوا الْقِرْطَاسَ لَا تَحْرِقُوا الَّذِي … تَضَمَّنَهُ الْقِرِطَاسُ، بَلْ هُوَ في صَدْرِي