والرابع: أن يقول راوي أحد الخبرين: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والآخر يقول: كُتِبَ إلى النبي عليه السلام -فيقدم خبر من سمع النبي -عليه السلام- لأن السماع مِنَ العَالِمِ أقوى من الأخْذ بِكِتَابِهِ الوَارد.
الخامس: أن يكون أحد الخبرين متفقًا على رفعه إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والآخر مختلفًا فيه فيُقَدَّمُ المتفق عليه, لأنه أبعد من الخَطَأ والسهو.
السادس: أن يكون أحد الخبرين مختلف الرواية, فيروي عنه إثبات الحكم ونفيه، وراوي الآخر لا تختلف الرواية عنه، وإنما يروي عنه أحد الأمرين، فيُقَدَّم رواية من لم تختلف عليه, لأن ذلك دليل على حِفْظ الرواية عنه، وشدّة اهتمامهم بِحِفْظِ ما رواه، فكان أولى.
السابع: أن يكون راوي أحد الخبرين هو صاحب القصة تَلَبَّسَ بها، وراوي الخبر الآخر أجنبيًّا، فيقدم خبر صاحب القصَّة, لأنه أعلم بظاهرها وباطنها، وأشد إتقانًا بحفظ حكمها.
الثامن: إِطباق أَهْلِ المدينة على العَمَل بموجب أحد الخبرين، فيكون أولى من خبر من يخالف عمل أهل المدينة؛ لأنها موضع الرِّسالة، ومجتمع الصحابة، فلا يتصل العمل فيها إِلا بأصحِّ الروايات.
التاسع: أن يكون أحدُ الراويين أشدّ تقصِّيًا للحديث، وأحسن نسقًا له من الآخر، فيقدم حديثه عليه, لأن ذلك يدل على شدّة اهتمامه بحكمه، وبحفظ جميع أموره.
والعاشر: أن يكون أحد الإسنادين سالمًا من الاضطراب، والآخر مضطربًا، فيكون السَّالم أولى, لأن ذلك دليل على إتقان رواته وحفظ جملته.
الحادي عشر: أن يكون أحد الخبرين يوافق ظاهر الكتاب، والآخر يخالفه، فيكون الموافق لظاهر الكتاب أولى.
قد مضى الكلام في الترجيح من جهة الإسناد، والكلام ها هنا في الترجيح من جهة المَتْنِ، وذلك على أوجه: