الاستثناء المتصل في جمل من الكلام معطوف بعضها على بعض، يجب رجوعها إلى جميعها عند جماعة من أصحابنا.
وقال القاضي أبو بكر: فيه مذهب بالوقف.
وقال المتأخرون من أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ: يرجع إِلَى أقرب مذكور إليه، مثال ذلك قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً} إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: الآيتان 4، 5].
والدليل على ذلك أن المعطوف بعضه على بعض بمنزلة المذكور جميعه باسم واحد، ولا فرق عندهم بين من قال: اضرب زيدًا وعمرًا وخالدًا، وبين من قال: اضرب هؤلاء الثلاثة، وإذا كان ذلك كذلك، فلو ورد الاستثناء عقيب جملة مذكورة باسم واحد لرد إلى جميعها، وكذلك إِذا ورده عَقِيبَ ما عطف بعضه على بعض، وقد أجمعنا على أن الاستثناء، واقع على جميع الجملة.
المطلق والمقيد، ونحن نبيّن حكمهما إن شاء اللَّه.
التقييد يقع بثلاثة أشياء بالغاية والشرط والصفة.
فأما الغاية، فقولك: اضرب عمرًا أبدًا حتى يرجع إلى الحق، فلولا أنه قيد الضرب بالرجوع إِلى الحق لاقْتَضَى ضربه أبدًا.
وأما الشرط فكقولك: من جاءك من النَّاس، فأعطه درهمًا، فقيد ذلك بالشرط.
وأما الصفة، فكقولك: أعط القرشيين المؤمنين، فقيد بصفة الإيمان, ولولا ذلك لاقتضى اللفظ كل قرشي، فإذا ثبت ذلك، وورد لفظ مطلق ومقيد، فلا يخلو من أن يكون من جنس واحد، أو من جنسين، فإن كان من جنس واحد، فلا خلاف في أنه لا يحمل المطلق على المقيد, لأن تقييد الشهادة بالعدالة لا يقتضي تقيُّد رقبة