وهذا خاصّ بالرجعيات وما خصّ أوله، وعمّ آخره قوله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: الآية 1].
إِذا تعارض لفظان خاصّ وعام بني العام على الخاص، سواء كان الخاص متقدمًا أو متأخرًا.
وقال أَبُو حَنِيفَة: إذا كان العام متأخرًا فنسخ الخاص المتقدِّم.
والدليل على ذلك ما روِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا صَلاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ" (?).
فاقتضى ذلك نفي كل صلاة بعد العصر، ثم قال: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةَ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا" (?).
فأخرج هذا اللفظ الخاصّ الصوات المنسيات من جملة الصلوات المنهي عنها بعد العصر، وقال أبو حنيفة: وإذا كان العام متفقًا عليه، والخاص مختلفًا قدم العامّ على الخاصّ، والدليل على ما نقُوله إن الخاص يتناول الحكم على وجه لا يحتمل التأويل، والعام يتناول على كل وجه محتمل التأويل، فكان الخاص أولى.
فَصْلٌ
إذا تعارض لفظان على وجه لا يمكن الجمع بينهما، فإِن عُلِمَ التاريخ فيهما نسخ المتقدِّم بالمتأخر، وإِن جهل ذلك نظر في ترجيح أحدهما على الآخر، بوجه من وجوه الترجيح التي تأتي بعد هذا، فإِن أمكن ذلك وجب المصير إلى ما يرجَّح، فإِن تعذَّر الترجيح في أحدهما ترك النظر فيهما، وعدل إلى سائر أدلة الشرع، فما دلّ عليه الدليل أخذ به، وإن تعذر في الشرع دليل على حكم تلك الحادثة، كان الناظر مخيرًا في أن يأخذ بأي اللفظين شاء الحاظر أو المبيح، إِذ ليس في العقل حَظْر ولا إِباحة.
فَصْلٌ
يجوز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، وعليه جمهور الفقهاء، ويجوز تخصيص عموم السنة بالقرآن، وتخصيص عموم القرآن، وخبر الآحاد بالقياس الجليّ