المسافر والمريض مأموران بصيام رمضان مخيَّران بين صومه وصوم غيره.
وقال بعض أصحابنا: المسافر مخاطب بالصوم، دون المريض.
وقال الكَرْخِيُّ: المسافر والمريض غير مخاطبين بالصوم.
والدليل على ما نقوله إن المسافر لو صام أُثِيبَ على فِعْلِهِ وَنَاب صومه عن فرضه، فلو كان غير مخاطب بصومه، لَمَا أُثِيبَ عَلَيْهِ كالحائض لَمَّا لم تخاطب بالصوم لم تُثَبْ عليه [في حال حيضها].
فَصْلٌ
لا خلاف بين الأُمَّة أن الكفار مخاطبون بالإيمان. والظاهر من مذهب مالك -رحمه اللَّه- أنهم مخاطبون بالصوم والصلاة والزَّكاة، وغير ذلك من شرائع الإِسلام (?)، وقال مُحَمَّدٌ بْنُ خُوَيزَ مِنْدَاد: لَيْسُوا مخاطبين بشَيء من ذلك.
والدليل على ما نقوله قوله تعالى: {سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)} [المدثر: الآية 42] إلى قوله تعالى: {مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر: الآية 45] فأخبر اللَّه تعالى أن العذاب حق عليهم بترك الإيمان والصوم والصدقة والصلاة.
فَصْلٌ
إِذا قال الصحابي: أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكذا وكذا أو نهانا عن كذا وكذا وجب حمله على الْوُجُوب وحُكي عن أبي بكر بن داود أنه قال: "لا يُحمل على الوجوب" حتى ينقل إلينا لفظ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وما قاله ليس بصحيح, لأن معرفة الأمر لا تعرف من غير طريقة اللغة، وإِذا كنا نحتج في اللغة والتمييز بين الأمر وغيره، بقول امْرئٍ القَيْسِ والنَّابِغَةِ، فبأن نحتج بقول أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَولَى وَأحَق لكونهما من أفصح العرب، ولما يقترن بذلك من أمور الدين والفضل، واللَّه تعالى أعلم.
الذي ذهب إليه أهل السُّنَّة أن الأمر بالشيء نهي عن أضداده، والنهي عن الشيء أمر بأحد أضداده (?) والنهي ينقسم إلى قسمين: