ذو القلب المتنجس بأقذار التشبيه صفة من صفات الكمال أثنى الله بها على نفسه كنزوله إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير كاستوائه على عرشه وكمجيئه يوم القيامة وغير ذلك من صفات الجلال والكمال أول ما يخطر في ذهن المسكين أن هذه الصفة تشبه صفة الخلق فيكون قلبه متنجساً بأقذار التشبيه لا يقدّر الله حق قدره ولا يعظم الله حق عظمته حيث يسبق إلى ذهنه أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق فيكون فيها أولاً نجس القلب متقذّر بأقذار التشبيه فيدعو شؤم هذا التشبيه إلى أن ينفي صفة الخالق جل وعلا عنه بادعاء أنّها تشبه صفات المخلوقين فيكون فيها أولاً مشبّهاً وثانياً معطّلاً ضلاًّ ابتداءً وانتهاءً متهجماً على ربّ العالمين ينفي صفاته عنه بادعاء أن تلك الصفة لا تليق. واعلموا أنّ هنا قاعدة أصولية أطبق عليها من يعتد به من أهل العلم وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا سيما لو مشينا على فرضهم الباطل أن ظاهر آيات الصفات الكفر فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤول الإستواء (بالإستيلاء) ولم يؤول شيئاً من هذه التأويلات ولو كان المراد بها هذه التأويلات لبادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيانها لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة فالحاصل أنه يجب على كل مسلم أن يعتقد هذا الإعتقاد الذي يحل جميع الشبه ويجيب عن جميع الأسئلة وهو أن الإنسان إذا سمع وصفاً وصف به خالق السموات والأرض نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم امتلأ صدره من التعظيم فيجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين فيكون القلب منزهاً معظماً له جل وعلا غير متنجس بأقذار التشبيه فتكون أرض قلبه قابلة للإيمان والتصديق بصفات الله التي تمدح بها أو أثنى عليه بها نبيه صلى الله عليه وسلم على غرار: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، والشر كل الشر في عدم تعظيم الله وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق فيضطر المسكين أن ينفي صفة الخالق بهذه الدعوى