بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الصُّورَةِ الصُّورَةُ هِيَ التَّرْكِيبُ، وَالْمُصَوَّرُ الْمُرَكَّبُ، وَالْمُصَوِّرُ هُوَ الْمُرَكِّبُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِي تَعَالَى مُصَوَّرًا وَلَا أَنْ يَكُونَ لَهُ صُورَةٌ، لِأَنَّ الصُّورَةَ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْهَيْئَاتُ مُتَضَادَةٌ، وَلَا يَجُوزُ اتِّصَافُهُ بِجَمِيعِهَا لِتَضَادِّهَا، وَلَا يَجُوزُ اخْتِصَاصُهُ بِبَعْضِهَا إِلَّا بِمُخَصِّصٍ، لِجَوَازِ جَمِيعِهَا عَلَى مَنْ جَازَ عَلَيْهِ بَعْضُهَا، فَإِذَا اخْتَصَّ بِبَعْضِهَا اقْتَضَى مُخَصِّصًا خَصَّصَهُ بِهِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا وَهُوَ مُحَالٌ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ مُصَوَّرًا، وَهُوَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ. وَمَعْنَى هَذَا فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ الْأُصُولِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، الَّذِي كَانَ يَحُثُّنِي عَلَى تَصْنِيفِ هَذَا الْكِتَابِ لِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْرَجَةِ فِيهِ مِنَ الْعَوْنِ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ نُصْرَةِ السُّنَّةِ وَقَمْعِ الْبِدْعَةِ، وَلَمْ يَقْدِرْ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهِ لِاشْتِغَالِي بِتَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ فِي الْفِقْهِيَّاتِ، عَلَى مَبْسُوطِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، الَّذِي أَخْرَجْتُهُ عَلَى تَرْتِيبِ مُخْتَصَرِ