بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ التَّكْلِيمِ , وَالتَّكَلُّمِ , وَالْقَوْلُ سِوَى مَا مَضَى قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] فَوَصَفَ نَفْسَهَ بِالتَّكْلِيمِ , وَوَكَّدَهُ بِالتِّكْرَارِ , فَقَالَ {تَكْلِيمًا} [النساء: 164] , وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143] , وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] , وَذَكَرَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ مَا كَلَّمَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمَقْدِسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 12] , إِلَى قَوْلِهِ: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41] , وَقَالَ: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144] فَهَذَا كَلَامٌ سَمِعَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِسْمَاعِ الْحَقِّ إِيَّاهُ بِلَا تَرْجُمَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ , دَلَّهُ بِذَلِكَ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ , وَدَعَاهُ إِلَى وَحْدَانِيَّتِهِ , وَأَمَرَهُ بِعِبَادَتِهِ , وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِهِ , وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ اصْطَنَعَهُ لِنَفْسِهِ , وَاصْطَفَاهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ , وَأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى الْخَلْقِ بِأَمْرِهِ