107 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ , أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ , ثَمَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ -[165]- السُّلَمِيُّ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , أَنَا مِسْعَرٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا قَوْلُهُ: افْتَحْ بَيْنَنَا حَتَّى سَمِعْتُ بِنْتَ ذِي يَزَنَ أَوِ ابْنَةَ ذِي يَزَنَ تَقُولُ: تَعَالَ أُفَاتِحُكَ أُقَاضِيكَ «وَمِنْهَا» الْكَاشِفُ " قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَلَا يُدْعَى بِهَذَا الِاسْمِ إِلَّا مُضَافًا إِلَى شَيْءٍ فَيُقَالُ: يَا كَاشِفَ الضُّرِّ , أَوْ كَاشِفَ الْكَرْبِ , وَمَعْنَاهُ الْفَارِجُ وَالْمُجَلِّي يَكْشِفُ الْكَرْبَ وَيَجْلِي الْقَلْبَ , وَيُفَرِّجُ الْهَمَّ وَيُزِيحُ الضُّرَّ وَالْغَمَّ قُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 17] وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ دُعَاءِ الْمَدْيُونِ: «اللَّهُمَّ فَارِجَ الْهَمِّ كَاشِفَ الْغَمِّ» وَمِنْهَا «اللَّطِيفُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ بِعِبَادِهِ الْخَيْرَ وَالْيُسْرَ , وَيُقَيِّضُ لَهُمْ أَسْبَابَ الصَّلَاحِ وَالْبِرِّ قُلْتُ: أَرَادَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى مَا يُعْطِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكُفَّارَ مِنَ الدُّنْيَا نِعْمَةً , أَوْ أَرَادَ الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً فِي أَسْبَابِ الدِّينِ وَأَرَادَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ عَامَّةً فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا نِعْمَةً فِي الْجُمْلَةِ , وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: اللَّطِيفُ هُوَ الْبَرُّ بِعِبَادِهِ الَّذِي يَلْطُفُ بِهِمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ , وَيُسَبِّبُ لَهُمْ مَصَالِحَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} [الشورى: 19] قَالَ: وَحَكَى أَبُو عُمَرَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " اللَّطِيفُ الَّذِي يُوصِلُ إِلَيْكَ أَرَبَكَ فِي رِفْقٍ , وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ لَطَفَ اللَّهُ بِكَ أَيْ أَوْصَلَ إِلَيْكَ مَا تُحِبُّ فِي رِفْقٍ , قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ الَّذِي لَطَفَ عَنْ أَنْ يُدْرَكَ بِالْكَيْفِيَّةِ وَمِنْهَا «الْمُؤْمِنُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُصَدِّقُ , لِأَنَّهُ إِذَا وَعَدَ صَدَقَ وَعْدَهُ , وَيُحْتَمَلُ -[166]- الْمُؤَمِّنُ عِبَادَهُ بِمَا عَرَّفَهُمْ مِنْ عِدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ مِنْ أَنْ يَظْلِمَهُمْ وَيَجُورَ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: أَصْلُ الْإِيمَانِ فِي اللُّغَةِ التَّصْدِيقُ , فَالْمُؤْمِنُ الْمُصَدِّقُ وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ وُجُوهًا: أَحَدُهَا أَنَّهُ يُصَدِّقُ عِبَادَهُ وَعْدَهُ وَيَفِي بِمَا ضَمِنَهُ لَهُمْ مِنْ رِزْقٍ فِي الدُّنْيَا , وَثَوَابٍ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الْحَسَنَةِ فِي الْآخِرَةِ , وَالْآخَرُ أَنَّهُ يُصَدِّقُ ظُنُونَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُخَيِّبُ آمَالَهُمْ كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي , فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» وَقِيلَ: بَلِ الْمُؤْمِنُ الْمُوَحِّدُ نَفْسُهُ لِقَوْلِهِ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} , وَقِيلَ: بَلِ الْمُؤْمِنُ الَّذِي آمَنْ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عَذَابَهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي آمَنَ خَلْقُهُ مِنْ ظُلْمِهِ , وَقَدْ دَخَلَ أَكْثَرُ هَذِهِ الْوُجُوهِ فِيمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ إِلَّا أَنَّ هَذَا أَبْيَنُ وَمِنْهَا «الْمُهَيْمِنُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي , قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ لَا يُنْقِصُ الْمُطِيعِينَ يَوْمَ الْحِسَابِ مِنْ طَاعَاتِهِمْ شَيْئًا فَلَا يُثِيبُهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّوَابَ لَا يُعْجِزُهُ وَلَا هُوَ مُسْتَكْرَهٌ عَلَيْهِ فَيَضْطَرُّ إِلَى كِتْمَانِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ أَوْ جَحْدِهَا , وَلَيْسَ بِبَخِيلٍ فَيَحْمِلُهُ اسْتِكْثَارُ الثَّوَابِ إِذَا كَثُرَتِ الْأَعْمَالُ عَلَى كِتْمَانِ بَعْضِهَا , وَلَا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ بِمَا يُثِيبُ فَيَحْبِسُ بَعْضَهُ , لِأَنَّهُ لَيْسَ مُنْتَفِعًا بِمُلْكِهِ حَتَّى إِذَا نَفَعَ غَيْرَهُ بِهِ زَالَ انْتِفَاعُهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ , وَكَمَا لَا يُنْقِصُ الْمُطِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا لَا يَزِيدُ الْعُصَاةَ عَلَى مَا اجْتَرَحُوهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ شَيْئًا , فَيَزِيدُهُمْ , عِقَابًا عَلَى مَا اسْتَحَقُّوهُ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنَ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ , وَقَدْ سَمَّى عُقُوبَةَ أَهْلِ النَّارِ جَزَاءً , فَمَا لَمْ يُقَابِلْ مِنْهَا ذَنْبًا لَمْ يَكُنْ جَزَاءً , وَلَمْ يَكُنْ وِفَاقًا , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ شَرْحُ قَوْلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي الْمُهَيْمِنِ إِنَّهُ الْأَمِينُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَأَصْلُهُ مُؤَيِمِنٌ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً لِأَنَّ الْهَاءَ أَخَفُّ مِنَ الْهَمْزَةِ , وَهُوَ عَلَى وَزْنِ مُسَيْطِرٍ , وَمُبَيْطِرٍ