1011 - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِي آخَرِينَ قَالُوا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْأَصَمُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ عِنْدَهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقَالَتْ: فُلَانَةُ لَا تَنَامُ اللَّيْلَ. قَالَتْ: فَذَكَرَتْ مِنْ صَلَاتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» . وَقَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " الْمَلَالُ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِحَالٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِي صِفَاتِهِ بِوَجْهٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الثَّوَابَ وَالْجَزَاءَ عَلَى الْعَمَلِ مَا لَمْ تَتْرُكُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ مَلَّ شَيْئًا تَرَكَهُ، فَكُنِّيَ عَنِ التَّرْكِ بِالْمَلَالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّرْكِ. وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّهُ لَا يَمَلُّ إِذَا مَلَلْتُمْ، كَقَوْلِ الشَّنْفَرَى:
[البحر المديد]
صَلِيَتْ مِنِّي هُذَيْلٌ بِخِرْقٍ ... لَا يَمَلُّ الشَّرَّ حَتَّى يَمَلُّوا
أَيْ: لَا يَمَلُّهُ إِذَا مَلُّوهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى إِذَا مَلُّوا مَلَّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مَزِيَّةٌ -[432]- وَفَضْلٌ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَنَاهَى حَقُّهُ عَلَيْكُمْ فِي الطَّاعَةِ حَتَّى يَتَنَاهَى جُهْدُكُمْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَا تَكَلَّفُوا مَا لَا تُطِيقُونَهُ مِنَ الْعَمَلِ، كُنِّيَ بِالْمَلَالِ عَنْهُ لِأَنَّ مِنْ تَنَاهَتْ قُوَّتُهُ فِي أَمَرٍ وَعَجَزَ عَنْ فِعْلِهِ مَلَّهُ وَتَرَكَهُ، وَأَرَادَتْ بِالدَّيْنِ الطَّاعَةَ"