الاسلوب (صفحة 85)

يا مهجة جثم الحمام عليها ... وجنى لها ثمر الردى بيديها

رويت من دمها التراب وربما ... روى الهوى شفتي من شفتيها

حكمت سيفي في مجال خناقها ... ومدامعي تجري على خديها1

ومن ذلك قول حافظ إبراهيم في رثاء محمد فريد رئيس الحزب الوطني المتوفى في برلين سنة 1919:

من ليوم نحن فيه، من لغد ... مات ذو العزة والرأي الأسد

لهف نفسي هل "بيرلين" امرؤ ... فوق ذاك القبر صلى وسجد

هل بكت عين فروت تربه ... هل على أحجاره خط أحد

ههنا قبر شهيد في هوى ... أمةٍ أيقظها ثم رقد2

والعزاء قرب من الرثاء، وإن كان مذهبه تهوين المصاب، وبث السلوى والتأسي بالسلف الهالك. وقد سلك البحتري في ذلك مذهبًا طريفًا حين عزى محمد بن حميد الطوسي عن ابنته، فقال من قصيدة مطلعها:

ظلم الدهر فيكم وأساء ... فعزاء بني حميد عزاء

أتبكي من لا ينازل بالسيـ ... ـف مشيحًا ولا يهز اللواء3

والفتى من رأى القبور لما طا ... ف به من بناته أكفاء4

قد ولدن الأعداء قدما وورثـ ... ـن التلاد الأقاصي البعداء5

وتلفت إلى القبائل فانظر ... أمهات ينسبن أم آباء

ولعمري ما العجز عندي إلا ... أن تبيت الرجال تبكي النساء

ومن خير النماذج القديمة في هذا الفن ما أورده أبو تمام في حماسته لجماعة من الشعراء والشاعرات ومنها قصيدة تأبط شرًّا:

إن بالشعب الذي دون سلعٍ ... لقتيلًا دمه ما يطل6

طور بواسطة نورين ميديا © 2015