الاسلوب (صفحة 145)

ثالثًا: الكتابة

للجاحظ1 رسالة التربيع والتدوير التي كتبها إلى أحمد بن عبد الوهاب:

1- كان أحمد بن عبد الوهاب مفرط القصر ويدعي أنه مفرط الطول.

كان مربعًا وتحسبه لسعة جفرته2 واستفاظة خاصرته مدورًا، وكان جعد3 الأطراف، قصير الأصابع، وهو في ذلك يدعي البساطة والرشاقة، وأنه عتيق4 الوجه أخمص5 البطن، معتدل القامة، تام العظم، وكان طويل الظهر، قصير عظم الفخذ، وهو مع قصر عظم ساقه يدعي أنه طويل الباد6، رفيع العماد، عادي القامة، عظيم الهامة، قد أعطي البسطة في الجسم والسعة في العلم، وكان كبير السن متقادم الميلاد، وهو يدعي أنه معتدل الشباب حديث الميلاد، وكان ادعاؤه لأصناف العلم على قدر جهله بها. وتكلفه للإبانة عنها على قدر رغبته فيها. وكان كثير الاعتراض. لهجا7 بالمراء. شديد الخلاف. كلفا بالمجاذبة متتابعا في العنود. مؤثرًا للمغالبة، مع إضلال الحجة. والجهل بموضع الشبهة. والخطرفة عند قصر الزاد والعجز عند التوقف. والمحاكمة مع الجهل بثمرة المراء ومغبة فساد القلوب، ونكد الخلاف، وما في الخوض من اللغو الداعي إلى السهو. وما في المعاندة من الإثم الداعي إلى النار. وما في المجاذبة من النكد. وما في المغالبة من فقدان الصواب. وكان قليل السماع غمرا8 وصحفيا غفلا9 لا ينطق عن فكر. ويثق بأول خاطر. ولا يفصل بين اعتزام الغمر واستبصار المحق. يعد أسماء الكتب ولا يفهم معانيها. ويحسد العلماء من غير أن يتعلق منهم بسبب، وليس في يده من جميع الآداب إلا الانتحال لاسم الأدب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015