أشواطًا لا بأس بها. وفي الرؤية التونسية، كما لا يخفى، مزجٌ حكيمٌ بين خصوصيات الانتماء العربي الإسلامي، كثابتٍ من الثوابت الأساسية في مجال التشريع والإنجاز، وبين دواعي التطور والانفتاح كخيارٍ حضاريٍّ تستوجبه متطلبات العصر الحديث، وهذا لا ينكره عاقل حصيف.
لقد ضمنت مختلف التشريعات التي صدرت بتونس منذ العهد الأول للاستقلال للأسرة أسباب استقرارها وتوازنها، بما أرسته من الحقوق والواجبات المبنية على أسباب من المسئولية المتبادلة والتعاون المثمر بين أفراد الأسرة، كما أَوْلَتْ هذه التشريعات عنايةً بالمرأة وأمكنتها من مزاولة دورها داخل الأسرة وخارجها بكل ثقة وكفاءة، وارتقى العهد الجديد في تونس منذ 7 نوفمبر 1987م بتوجيهٍ من سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي -حفظه الله ورعاه- بهذه الحقوق إلى أعلى مستوياتها, بتطوير التشريعات والقوانين1، تدعيمًا لدور الأسرة، وضمانًا لدواعي التماسك فيها؛ لأن في قوتها وتوازنها قوة للمجتمع وتثبيتًا لاستقراره، وهي رؤية حضارية مستمدَّةٌ من جوهر ديننا الحنيف وروحه السمحة، في تفاعل إيجابي, وتناغمٍ سليمٍ مع مقتضيات العصر وضروراته.
- الحق في المشاركة السياسية:
لقد شاركت المؤمنات، شأنهن في ذلك شأن الصحابة -رضوان الله عليهم- جميعًا، في مبايعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذ -صلى الله عليه وسلم- عليهن العهد، كما على الرجال، على السمع والطاعة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12]. وفي هذا أبلغ مثال وأفصح مقال، على ما يوليه الإسلام من