وجودهم في مصر مؤقت وأنهم على نية الجلاء، ولكنهم أخلفوا ما وعدوا، وكذبوا فيما أعلنوا، وبقوا في مصر يسرقون أموالها، وينهبون أقواتها، ويعبثون بكرامات أهلها.
مَنْطِقُ الحُكَّامِ وَالزُّعَمَاءِ:
فلما تكشفت نية هؤلاء القراصنة، أجمعت مصر على مقاومتهم وتظاهر أبناؤها على إخراجهم، وتقدم الحكام والزعماء يقودون الشعب إلى غايته، ويعملون لاستقلاله وحريته، ولكنهم آثروا أن يسعوا إلى الحرية والاستقلال عن طريق السلام والاستسلام، والتذلل والسؤال، وَسَوَّلَ لَهُمْ منطقهم أن يعتمدوا في المطالبة بحقوق مصر على عدالة غاصبي هذه الحقوق. وهو منطق أقل ما يقال فيه أنه قائم على الغفلة والجهل بطبائع البشر وَعِبَرِ التَّارِيخِ. فلو كان الغاصب يستشعر العدالة في نفسه ما غصب غيره. ولا عرف الناس الحماية والاستعمار وغيرهما من أوضاع الغصب والاستذلال.
هَذَا المَنْطِقُ لاَ يَرْضَاهُ الإِسْلاَمُ:
وإذا كانت مصر قد خرجت على حكم العقل وطبائع الأشياء في معالجتها لقضية الحرية والاستقلال، فإنها قد خرجت أيضًا على حكم الإسلام، ولو أن حكام مصر وزعماءها استهدوا فطرهم السليمة واستفتوا قلوبهم المسلمة لهدوا إلى الحق والصواب، ولعلموا أن الجهاد الدامي هو طريق الحرية، وأن القتل والقتال هو طريق الاستقلال، ولا يعجبن أحد أن يكون حكم