الإسلامية أفضل وأسمى من أي قانون وضعي على وجه الأرض، وما من نظرية أخذت بها القوانين حتى اليوم إلا وهي موجودة في الشريعة على أفضل الوجوه وأكمل الأوضاع، وما من نظرية حديثة اتجه إليها علماء القانون أو فكروا فيها إلا وهي مفصلة في الشريعة على خير ما تفصل الآراء والنظريات.
إن تأخر المسلمين لا يرجع للتنظيم والتشريع، وإنما يرجع لترك تعاليم الإسلام، فالمسلمون اليوم في كل بلاد العالم إنما هم مسلمون بأسمائهم وألسنتهم، لا بإيمانهم ولا بأعمالهم، إلا من رحم الله، وقليل ما هم.
ولو كانت التشريعات الحديثة هي التي تقدم الشعوب لوجب أن تكون بلجيكا أقوى وأعظم من إنجلترا لأن القوانين البلجيكية من أحدث القوانين ولأن القوانين الانجليزية من أقدمها وبعضها يرجع إلى الوقت الذي كانت فيه إنجلترا مجهولة لا مكان لها في العالم.
ولو صح أن التشريعات الحديثة لها أثر في تقدم الشعوب لوجب أن تكون الشعوب الإسلامية أكثر شعوب العالم قوة وتقدما، لأن الشريعة الإسلامية على قِدَمِهَا أحدث من كل القوانين الوضعية التي تقوم كما قلنا على القانون الروماني وتأخذ عنه وتتمسك بنظرياته واتجاهاته ولا تتطور إلا بقدر ما تقتضيه الظروف تطورًا هو امتداد للأصل وفي حدود الأصول الفقهية الرومانية.