وعلى هذا الأصل ينسب القانون للأمم والشعوب فيقال القانون الإنجليزي والألماني والياباني ... إلخ، ويثبت نسب القانون للأمة كلما ثبت ميلاده فيها أو اتصاله بتاريخها وتأثره بعاداتها وتقاليدها، ومسايرته لحالتها الاجتماعية والسياسية والدينية، وإذا ثبت انتساب القانون للأمة فقد ثبتت شرعيته وأهليته لحكمها، ولم تجد الأمة غضاضة في احترام القانون وطاعته، لأن الأمة في هذه الحالة إنما تحكم نفسها بنفسها، وتخضع لما تدين به من عاداتها وتقاليدها وآدابها ونظمها وعقائدها.
ولهذا كله حرص المُقَنِّنُونَ في كل بلاد العالم إذا ما أخذوا لأمة من قوانين أمة أخرى على أن يُعَدِّلُوا ما يأخذونه حتى يأتلف مع قوانين الأمة الآخذة ويتفق مع أنظمتها؛ لأنهم يعلمون حق العلم أن إلزام أمة قانون أمة أخرى دون مراعاة لما بين الأمتين من تخالف معناه إلزام إحدى الأمتين التخلي عن عاداتها وتقاليدها وآدابها ومميزاتها ونظمها وشرائعها، بل قد يكون معناه إلزام إحدى الأمتين التخلي عن نظامها الاجتماعي والتفريط في دينها والتنكر لمعتقداتها.
ولكن هذا الأصل الأول للقانون أُهْمِلَ إلى حد كبير في القوانين الوضعية السارية في مصر وفي كثير من البلاد الإسلامية، فقد نُقِلَتْ القوانين الأوروبية بحذافيرها ودون تعديل يذكر إلى